مع الارتفاع المتطرف لدرجات الحرارة، تواجه تونس اليوم معضلة تبخر مياه السدود، إذ خسرت السنة الفارطة خلال أسخن يوم في شهر جويلية تبخر مليون متر مكعب.
وفي هذا الصدد، أفاد الخبير البيئي حسين الرحيلي، في تصريح لموقع تونيبيزنس اليوم الجمعة 21 جوان 2024، بأنّه يوم 17 جوان الجاري تبخر نحو 660 ألف متر مكعب، وفق معطيات وزارة الفلاحة.
وأكّد الرحيلي، أنّ تبخر مياه السدود يعّد خسارة كبرى وله تداعيات على الموارد المائية التي تعاني تونس بطبيعتها شحّا ونقصا فيها.
وبيّن المتحدّث، أنّ الكميات التي تتبخر والتي تتجاوز 600 ألف متر مكعب، تعادل نصف استهلاك 14 ولاية في يوم واحد، وفق قوله.
وقال الخبير البيئي، إنّه في حال تواصل ارتفاع درجات الحرارة بهذا الشكل، وتبخر كميات كبيرة من مياه السدود يوميا، سنجد أنّ الكميات التي يتم استهلاكها تساوي الكميات التي تتبخر، بحسب توضيحه.
وفي سياق متّصل، لفت الرحيلي، إلى أنّ نسبة امتلاء السدود بلغت السنة الحالية تقريبا 31.5 بالمائة أي ما يعادل 716 مليون متر مكعب، معتبرا أنّها كمية ضئيلة، مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية حيث كانت نسبة امتلاء السدود 36 بالمائة، ما يؤكد نقص الموارد المائية المتاحة.
وبيّن المتحدّث، أنّ درجات الحرارة شهدت ارتفاعا ملحوظا منذ نصف شهر مارس المنقضي، رغم تراجعها في الأشهر الأخرى، مبرزا أنّ الفترة القادمة ستشهد ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة في عديد الدول وليس في تونس فقط، على حد تصريحه.
كيف ستواجه تونس تبخر مياه السدود؟
وفي معرض حديثه عن تداعيات تبخر المياه، أكّد محدثنا، أنّه من غير المعقول المواصلة في اعتماد نفس سياسات بناء السدود، لأنّ المياه التي سيقع تجميعها ستتبخر بكميات كبرى بفعل ارتفاع الحرارة، على حد تقديره.
وشدّد الرحيلي، على أنّه من غير الممكن مواجهة هذه المعضلة عبر السدود التقليدية، معتبرا أنّ بناء السدود بالأساس لم يعد تقنية ناجعة لتخزين المياه السطحية، بحسب قوله.
ودعا المتحدّث، إلى ضرورة تغيير طرق تخزين المياه والتخلي التدريجي عن الطرق الكلاسيكية وهي السدود المفتوحة، والعمل على إيجاد طرق جديدة تساعدنا على حماية أكثر كميات ممكنة من التبخر.
وأمام ندرة وشح المياه، أكّد ضرورة الاهتمام بالمياه الجوفية والسدود الجوفية، لحماية المياه من التبخر، فضلا عن إيصال الماء للموائد المائية بأكثر نجاعة وأقل كلفة ، وفق قوله.
وفي حديثه عن الحلول المقترحة، دعا الخبير البيئي، إلى ضرورة توفير خزانات كبرى مغطاة، قائلا، ” علينا تحمل كلفتها العالية لأنه بالمقارنة مع كميات المياه المهدورة جراء التبخر، سنكون من الرابحين في المقابل”.
وقال الرحيلي، “لابدّ من اتخاذ قرار بالبحث عن طرق مستحدثة ومستجدة تأقلما مع التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة”.
وانتقد الخبير البيئي، بناء تونس لأربعة سدود جديدة، في حين أنّ السدود المتوفرة خالية من المياه، مبرزا أنّ المشكل ليس في توّفر السدود إنما الأمطار.
وفي هذا الإطار، دعا إلى توجيه استثمارات بناء السدود، إلى الاستثمار في مجالات أخرى تمكن من حماية المياه المخزنة من التبخر.
وأشار إلى أنّ الحلول الظرفية المتعلقة بالقطع الدوري للمياه وتقسيط الكميات، من الضروري أن تتبعها حلول على المدى المتوسط والبعيد، لتجاوز الأزمة الحالية بأقل كلفة ممكنة.