حذَّر صندوق النقد الدولي ، بالتزامن مع اجتماعات الربيع التي يعقدها والبنك الدولي ، من أن المستوى القياسي للدين الحكومي الأميركي يتسبب في رفع معدلات الفائدة حول العالم ويهدد الاستقرار المالي العالمي.
وقال الصندوق إن زيادة الإنفاق الحكومي وتنامي الدين العام وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة تؤدي لارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية، وتتسبب في رفع معدلات الفائدة في العديد من دول العالم.
وفي عام 2023، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من ملياري دولار يومياً لتغطية تكلفة الديون، وفي الوقت الحالي ترتفع فوائد الدين الأميركي بمعدل تريليون دولار كل 100 يوم تقريباً، أي ما يعادل 3.6 تريليون دولار سنوياً.
كيف يؤثر الدولار على اقتصاد الدول النامية؟
قالت الإعلامية المختصة في الاقتصاد جنات بن عبد الله ، في تصريح لموقع “Tunibusiness” ، إن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي للسيطرة على التضخم والمحافظة على سعر صرف الدولار يؤثر سلبا وبصفة مباشرة على الاقتصاد والاستثمار في الدول النامية ، وفق تقديرها .
وأكدت ان سياسة الفدرالي الأمريكي لها تداعيات كارثية على كل اقتصادات الدول النامية التي عملتها ضعيفة ، لأن ارتفاع سعر صرف الدولار ينعكس اساسا على اسعار النفط والطاقة والمواد الغذائية والأساسية والأولية ، قائلة “كلما ارتفعت قيمة الدولار الا وانهار وانزلقت العملات الوطنية وهذا يترجم إلى مزيد من التضخم ومزيد تفقير المواطنين وتفليس المؤسسات الاقتصادية” ، وفق تعبيرها .
كما شددت بن عبد الله على ان تقارير المؤسسات المالية الدولية اثبتت ان عبد الدول النامية مهددة بإعلان افلاسها وعدم قدرتها على سداد ديونها ، مبينة ان الترفيع في نسبة الفائدة من قبل المركزي الأمريكي او المحافظة عليها في مستوى 5% يزيد من الإقبال على شراء الدولار ويساهم في خروج الاستثمارات الاجنبية من الدول النامية والتوجه نحو الولايات الأمريكية.
دراسة : ارتفاع عائلات السندات الأمريكية تهدد اقتصادات العالم
ووجدت دراسة أجراها الصندوق ارتباطاً وثيقاً بين ارتفاع عائدات السندات الحكومية الأميركية طويلة الأجل وصعود عائدات السندات الحكومية المماثلة في الاقتصادات المتقدمة والناشئة، الأمر الذي زاد أعباء خدمة الديون في تلك الاقتصادات، خاصة الناشئة منها.
وفي هذا السياق، قال مدير صندوق النقد الدولي للشؤون المالية، فيتور غاسبار إن “السياسة المالية التيسيرية في الولايات المتحدة تسبب ضغوطاً صعودية على معدلات الفائدة العالمية والدولار، وترفع تكلفة تمويل الدين الحكومي في بقية أنحاء العالم، وتفاقم المخاطر المالية الحالية”.وهذه هي المرة الثانية هذا الأسبوع التي يوجه فيها الصندوق انتقادات للسياسات المالية للحكومة الأميركية، إذ حذر يوم الثلاثاء من أن زيادة الإنفاق العام وارتفاع مستوى الإقراض يعززان نمو الاقتصاد الأميركي، ما يؤدي لارتفاع معدلات التضخم وتقويض قدرة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على احتواء الضغوط التضخمية.
في الوقت نفسه، تزيد أسعار الفائدة المرتفعة من احتمالات عجز الأسر والشركات عن سداد ديونها نتيجة ارتفاع تكاليف الإقراض، ما يؤدي بدوره لخسائر هائلة للبنوك والمؤسسات المالية ويهدد الاستقرار المالي بشكل عام.
الدين الحكومي الأمريكي يسجل مستويات قياسية
قفز الدين الأميركي الى نحو 35 تريليون دولار مؤخراً ، بحسب بيانات وزارة الخزانة.
ولامست عائدات السندات الأميركية مستوى قياسياً جديداً بعد تلميحات رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، جيروم بأول ببقاء أسعار الفائدة الأميركية عند معدلاتها المرتفعة الحالية لفترة أطول في ظل استمرار تسارع وتيرة التضخم بالولايات المتحدة.
وحذر الصندوق من أن استمرار ارتفاع معدلات التضخم سيقلص آمال المستثمرين بقرب خفض أسعار الفائدة الأميركية ويؤدي لموجة بيع واسعة للأصول المالية حول العالم، بما في ذلك الأسهم والسندات الحكومية.
يرى خبراء الصندوق أن أزمة الدين الأميركي أصبحت أخطر من أي وقت مضى، فالمستثمرون يطالبون بعائدات أكبر مقابل احتفاظهم بالسندات الحكومية في وقت يزداد فيه القلق بشأن ارتفاع التضخم، وغموض السياسة النقدية، والإفراط في إصدار أدوات الدين في أكبر اقتصادات العالم.