تشهد تونس موجة هجرة غير مسبوقة في صفوف الأطباء الشبان خاصة والطواقم شبه الطبية في السنوات الأخيرة، بحثا عن ظروف عمل أكثر ملائمة خارج البلاد.
وفي هذا السياق، أفاد الرئيس السابق لنقابة الأطباء التونسيين سمير شطورو، في تصريح لموقع تونيبيزنس اليوم الجمعة 91 أفريل 2024، بأنّ أكثر من 1300 طبيب غادر البلاد في حدود سنة 2023.
واعتبر شطورو، أنّ هذا الرقم مرتفع بالمقارنة بالأرقام المسجلة في السنوات الفارطة، لافتا إلى أنّ الهجرة شملت أيضا الطواقم شبه الصحية والتقنيين وليس الأطباء فقط، بحسب تصريحه.
المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، أكد بدوره في دراسة أعدّها مؤخرا ارتفاع نسق هجرة الأطباء ومهنيي الصحة، وتشير التقديرات إلى مغادرة نحو 4000 طبيب تونس في غضون الثلاث سنوات الأخيرة.
وبيّن المتحدث، أنّ الاختصاصات التي تشهد موجة هجرة كبيرة هي التخدير والإنعاش والتصوير بالأشعة وبعض الاختصاصات الجراحية وطب الأطفال بسبب تزايد الطلب عليها خارج البلاد، وهي اختصاصات تشهد بدورها نقصا في بعض مناطق الجمهورية، وفق قوله.
وأكّد شطورو، أنّ ظروف العمل المتدهورة وغير الملائمة في القطاعين الخاص والعام وغياب التجهيزات الضرورية دفعت الأطباء للهجرة، فضلا عن الظروف المادية الصعبة والأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة التي يقابلها تدني الأجور كلها عوامل أسهمت في مغادرة الأطباء لتونس والتوجه للدول الأوروبية التي توفر فرص عمل أفضل وحوافز مهمة للأطباء، على حد قوله.
ووفق الدراسة المذكورة، تمثل ألمانيا الوجهة الأولى لمهنيي الصحة بنسبة ارتفاع بلغت 50 بالمائة، وبالنسبة للأطباء كانت المملكة العربية السعودية الوجهة المفضلة لأطباء الاختصاص، قبل أن تصبح فرنسا منذ 2020 الوجهة الأولى للأطباء التونسيين.
وفي الإطار ذاته، لفت رئيس نقابة الأطباء السابق، إلى أن مناخ العمل داخل المؤسسات الصحية غير محفز للأطباء بسبب غياب قانون المسؤولية الطبية ما يعرض الأطباء للتتبعات القضائية، إلى جانب تواتر الاعتداءات المسلطة عليهم داخل القطاعين العام والخاص وغياب الإجراءات الردعية وتفشي الإفلات من العقاب، على حد تصريحه.
ولإيقاف نزيف هجرة الأطباء طالب شطورو، بضرورة التدخل الدولة لدعم القطاع الصحي وتطويره على خلفية تآكل البنية التحتية للمستشفيات ونقص التجهيزات، بالاضافة إلى تحسين ظروف العمل وتوفير الإمكانيات الضرورية لضمان جودة الخدمات الصحية، بحسب تعبيره.
دعا المتحدث أيضا، إلى أهمية الاستثمار في القطاع الصحي الذي من شأنه أن يمثل مصدر ثروة للدولة ويوفر العملة الصعبة عبر استقطاب مرضى السوق الإفريقية والدول المجاورة، ما يحد من هجرة الأطباء وتحفيزهم على البقاء في تونس.
ونوّه نقيب الأطباء السابق، بضرورة مراجعة القوانين المهنية التي وصفها بالبالية وغير مواكبة لتطورات المهنة، وقوانين المسؤولية الطبية التي توفر الحماية للأطباء من التتبعات القضائية.