حذّر رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي، السبت 20 أفريل 2024، من الوضعية التي آل إليها القضاء التونسي والتي تنبئ بالانهيار الكامل، في كلمته خلال ملتقى وطني عن ضحايا توظيف القضاء والمحاكمات غير العادلة.
واعتبر الحمايدي، أنّ “التجاوزات الكبرى والانتهاكات الجسيمة لمبدأ استقلال القضاء ومقوماته تأتي في ظل تعهده بقضايا حساسة تتعلق بسياسيين وإعلاميين وناشطين، وفي ظل خطاب سياسي من رئيس الجمهورية يتميز بأسلوب القصف والتهديد المباشر”.
وأوضح المتحدث، أنّ “وضع القضاء ينذر بالخطر اليوم بسبب إلغاء العقد التأسيسي الذي ساهم فيه أغلب التونسيين، واجتمعت عليه إرادتهم بعد الثورة لتعويضه بعقد يُفرض عليهم بإرادة منفردة”.
وتابع ” وكيف لا ونحن نشاهد قضاء السلطة الذي تم التأسيس له بفضل دماء الشهداء الزكية يعوض بقضاء الوظيفة الذي لا صلاح فيه، ومؤسسات القضاء المنتخبة تُحل بتصريح شفافي من مقر وزارة الداخلية وتغلق أبوابها أمام أعضائها، وتعوّض بمؤسسات مؤقتة معينة من قبل السلطة التنفيذية وتابعة لها كليا”.
وينّص مشروع الدستور الذي عرض على الاستفتاء سنة 2021 على أن “القضاء وظيفة مستقلّة يباشرها قضاة لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون”، ساحبا منها صفة “السلطة” المستقلة.
وانتقد المتحدث، حجب الحركة القضائية لسنة 2022 -2023، واصفا إيّاها بالسابقة التاريخية، والتسبب عمدا من خلالها في حل المجلس المؤقت للقضاء العدلي بصفة فعلية بنقلة عضوين من أعضائه المُعينين بالصفة وإحالة عضوين آخرين على التقاعد، واستغلال ذلك الفراغ والإبقاء عليه للاستئثار بالتحكم في المسارات المهنية للقضاة بشكل كامل، على حد تعبيره.
تمّ تعويض المجلس الأعلى للقضاء كهيئة دستورية مستقلة، بأغلبية أعضاء منتخبين لمراقبة المسار المهني للقضاة، والتشاور في سن القوانين المتعلقة بالقضاء، “ويشرف على كلّ صنف من هذه الأقضية مجلس أعلى يتولى القانون ضبط تركيبته واختصاصاته”.
تراقب هذه المجالس المسار المهني للقضاة ومن بينهم سيختار رئيس الدولة أعضاء المحكمة الدستورية.
ولفت رئيس جمعية القضاة التونسيين أيضا، إلى عزل القضاة بجرة قلم من رئيس الجمهورية بناء على تقارير أمنية خارج كفالة حق الدفاع وضمانات المساءلة النزيهة والشفافة والعادلة، ويمنعون من حقهم في الالتحاق بمهنة المحاماة أو ممارسة أي عمل أخر تنكيلا بهم وتشفيا منهم ومن عائلاتهم، وفق قوله.
واعتبر المتحدث، أنّ اعتماد آلية مذكرات العمل خارج الإطار القانوني الذي يخول ذلك واستعمالها بشكل مكثف وبصفة دورية، هدفه ترهيب القضاة وتخويفهم وبث الرعب في صفوفهم من خلال النقل العقابية والتجريد من المسؤولية والحط من الرتبة، وإحداث تغييرات جوهرية على مستوى المسؤوليات الأولى بالمحاكم والدوائر دون مراعاة لحسن سير القضاء ومصلحة المتقاضين ، بحسب تصريحه.
ويشار إلى أنّ رئيس جمعية القضاة التونسيين، أنس الحمايدي كان قد مثل أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالكاف، على خلفية التهم الموجهة إليه والمتعلقة بتعطيل حرية العمل عقب الإضراب الذي نفذه القضاة في شهر جوان 2022 بعد إعفاء 47قاضيا وقاضية.