انعقد امس الاحد 21 افريل 2024 ، اجتماع على الجانب الليبي من المعبر الحدودي رأس الجدير حضره ممثلين عن عدد من المجموعات المسلحة .
وخصص الاجتماع لايجاد صيغة لاعادة فتح المعبر الحدودي ، اغلق منذ اكثر من شهر نتيجة خلافات بين ميليشيات ووزارة الداخلية الليبية في الحكومة المنتهية ولايتها حول إدارته ، مع فشل الوساطات ومحاولات إيجاد حل للأزمة التي انعكست آثارها على الدولتين.
أكدت مصادر لموقع “سكاي نيوز عربية” أن اجتماع أمس فشل في التوصل الى حلول وفتح المعبر ، مشيرة إلى أن الاجتماع شهد مشادات تطورت إلى اشتباكات بالأيدي بين ممثلين عن الميليشيات في مدينة زوارة وآخرين لوزير الداخلية عماد الطرابلسي، حيث طلب الأخير تغيير أفراد في الطاقم الإداري للمنفذ الموالين للميليشيات .
وزارة الداخلية تسعى للسيطرة على المعبر
وتوقفت الحركة تماما في المنفذ منذ 19 مارس الماضي، بعد مناوشات محدودة بين ميليشيات زوارة وقوة تابعة لما يسمى بـ”إدارة إنفاذ القانون”، التي دخلت إلى المعبر بتكليف من الطرابلسي للسيطرة عليه.
وبدأ وزارة الداخلية مساعيها في السيطرة على المنفذ بهدف “مكافحة التهريب وضبط التجاوزات وتسيير حركة التنقل بين ليبيا وتونس”، بينما يتهم الطرف الآخر الطرابلسي بـ”السعي لتنفيذ أجندة جهوية ومناطقية للسيطرة على المعبر”.
وفي هذا الاطار ، أكد المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل بان البعض تحركات الطرابلسي بأنها “محاولة لاستعادة سيادة الدولة”، قائلا إن “هناك عشرات القضايا الأكثر أهمية من وضع منفذ رأس جدير، وتمس بشكل مباشر هيبة وسيادة الدولة”.
وقال “هناك بالفعل عناصر مشاغبة من المجموعات المسلحة يؤثرون في عملية التهريب بالمنفذ، لكن ليس على نطاق خطير كما يجري في البلاد حاليا عبر منافذ أخرى، أو حتى من خلال البحر بالساحل الغربي”.
وحسب المحلل الليبي، فإن “كلها جماعات مسلحة في المنطقة الغربية حتى لو انضوت تحت قيادة وزارتي الداخلية أو الدفاع في طرابلس، فلو كانت هناك قوات حكومية حقيقية في الغرب الليبي لاستعادت البلاد عافيتها”.
شلل اقتصادي
وتتسابق الميليشيات على السيطرة على المرافق والمؤسسات الحيوية غربي ليبيا التي من المفترض أن تخضع لإدارة حكومية، كالموانئ والمعابر والمراكز الاقتصادية الأخرى.
وتسبب استمرار غلق منفذ رأس جدير في أزمات عدة، حيث لا تكفي القدرة التشغيلية في منفذ وازن البري، المعبر الآخر بين ليبيا وتونس، استيعاب كم الحركة لمواطني الدولتين، إذ كان الليبيون الذين ينتقلون إلى تونس من أجل العلاج وغيره من الأنشطة، هم الأكثر تضررا.
أما على الجانب الآخر، فقد أدت الأزمة إلى شلل اقتصادي في مناطق الجنوب التونسي التي كانت تعتمد على الزائرين الليبيين، حيث توقفت أنشطة بها، وفق ما رصده مجلس الأعمال التونسي الليبي الذي دعا السلطات التونسية إلى التدخل دبلوماسيا ولعب دور الوساطة لإعادة فتح المعبر.
ويشكل استمرار غلق المعبر خسارة تجارية واقتصادية كبرى ، حيث بلغ حجم التبادل التجاري عبر المعبر عام 2023 “نحو 976 مليون دولار بزيادة نحو 300 مليون دولار عن عام 2022” ، إضافة الى أنه منفذ هام للمواطنين الليبين القادمين الى تونس من اجل العلاج او السياحة أو التجارة ، وفق تقارير محلية.
ويشكل معبر رأس الجدير شريانا للتجارة بين البلدين قدرها تقرير للبنك الدولي بحوالي 1540 مليون دينارسنويًا.
وتشمل عمليات التبادل مع ليبيا، حسب التقرير، كل أنواع السلع الغذائية والمحروقات والمواّد الكيميائية الخاصة بالفلاحة وغيرها .
غلق المعبر يفتح الباب أمام التهريب
وتجدر الإشارة إلى أن التجارة غير النظامية تمثل أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا، علما أن 328 ألف طن من السلع يتم حجزها في
المسالك الموازية سنويًا عبر رأس الجدير في بن قردان مع ليبيا.
ويتسبب التأخر في هيكلة منطقة التبادل الحر بين تونس وليبيا، استنادا الى تقييمات العديد من المتخصصين في شؤون المبادلات
الخارجية في توسع السوق الموازية وأنشطة التهريب، إذ تشير المعطيات إلى أن أكثر من %60 من النشاط التجاري بين البلدين
ابتلعه التهريب، ما يعّد خسارة فادحة لاقتصاد البلدين .
وفًقا لمذكرة برنامج الامم المتحدة للتنمية الصادرة بعنوان “قضايا التنمية واألمن على الحدود الجنوبية الشرقية لتونس”، تنبني
التجارة غير الرسمية في بن قردان، على هيكل هرمي يعمل فيه من 5000 إلى 6000 شخص بشكل مباشر وتهيمن على التسلسل
الهرمي دائرة محدودة من حوالي 30 من الشخصيات البارزة القوية و5 من مشغلي الصرف الرئيسيين، كما ينشط، في مستوى ثان،
60 تاجر جملة و350 موزًعا و250 إلى 300 وكيل صرف و1200 تاجر تجزئة، كل منهم يشغل ما بين 3 و4 أشخاص في سياق
الاعتماد على 600 هيكل نقل.
ويذكر كذلك أن تجارة تهريب البشر تنشط كذلك على الحدود بين ليبيا وتونس ، حيث افادت تقارير اعلامية بدخول مئات الاشخاص خلال فترات وجيزة من التراب اليبي الى تونس بطريقة غير نظامية .