مفزع: إهدار 15% من الخبز يكلف الدولة خسائر بـ 100 مليون دينار

رحمة خميسي

تتكبّد عائلة تونسية مكونة من 5 أفراد خسارة مالية بنحو 85 دينارا شهريا وتصل إلى 340 دينارا خلال شهر رمضان، جرّاء التبذير الغذائي.

أصبح التبذير الغذائي يمثل مشكلة حقيقية في تونس بسبب تفاقمه في السنوات الأخيرة وخطورة الآثار الناجمة عنه، في ظل أزمة الغذاء ونقص الموارد.

وأمام تفاقم الوضع، أعدّت جمعية جذور وتنمية مستدامة دراسة لفهم هذه الظاهرة وتقييم آثارها، ع=تم عرضها اليوم الخميس 25 أفريل 2024 بمدينة العلوم.

ويعتبر تبذير غذائي كل منتوج غذائي مخصص للاستهلاك البشري يتم تحلله أو التخلص منه عند الإنتاج أو الجمع أو التجهيز أو التوزيع أو الاستهلاك.

الخبز أكثر المواد هدرا

من أهم المواد الغذائية التي تهدرها الأسر التونسية هي الخبز بنسبة 15,7 بالمائة ومنتجات الحبوب (10,2بالمائة) والخضراوات (6,5 بالمائة) والغلال (4.2 بالمائة) ومنتجات الألبان (2.3 بالمائة) واللحوم (1.9 بالمائة)، بناء على تحقيق أجراه المعهد الوطني للاستهلاك اعتمدته الدراسة.

وفي هذا الصدد، اعتبر أحد مؤلفي الدراسة رضا عباس، أنّ خسائر التبذير في المنتجات الغذائية أصبحت تكتسي أكثر أهمية، إذ تساهم في تقليل توفر الغذاء وتسارع التدهور البيئي وزيادة الاعتماد على الواردات الغذائية.

ولفت عباس إلى أنّ التبذير يشكل خسارة إنتاج أو شراء وبالتالي خسارة مالية، خاصة وأن الغذاء هو أول نفقات الأسرة التونسية بنسبة 30,1 بالمائة.

تكلفة التبذير الغذائي

قدّرت تكلفة التبذير الغذائي سنة 2016 من قبل المعهد الوطني للاستهلاك بـ 17 دينارا في الشهر لكل شخص، حيث أنّه يمثل في المتوسط ​​حوالي 12 بالمائة من الإنفاق الغذائي و3.6 بالمائة من إجمالي إنفاق المواطن التونسي، وفق أحد مؤلفي الدراسة.

ومن جهته، أكّد الخبير والمشارك في إعداد الدراسة علي العبعاب، أنّ “التبذير يلقي بثقله على ميزانية الدولة، علما وأن جزءا كبيراً من المنتجات الغذائية المهدرة مدعومة وغالبا ما يتم استيرادها بالعملة الأجنبية نحو 22 بالمائة من الدعم المخصص للدقيق لصنع الخبز يتم إتلافه”.

وتابع، “الخبز المهدر يكلف نحو 100 مليون دينار للمجموعة الوطنية، أي حوالي 22.2 بالمائة من ميزانية تبلغ 450 مليون دينار خصصتها الدولة لدعم دقيق الخبز وهذا ما وثقه المعهد الوطني للاستهلاك سنة 2017.”

آثار بيئية

آثار التبذير الغذائي لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل تشمل الجانب البيئي أيضا من خلال الاستهلاك المفرط للمواد الطبيعية وتدهور النظم الايكولوجية، وهو يساهم في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتعطيل الدورات البيولوجية الجيوكميائية والنظم الايكولوجية والاستهلاك المفرط للموارد المائية وتآكل التربة وفقدان التنوع البيولوجي، وفق الدراسة.

ويشار إلى أنه يتم التخلص من معظم الطعام المهدر فيصبح نفايات ومصدرا للتلوث، خاصة مع الأساليب الحالية لإدارة النفايات التي تتسم بانخفاض معدلات تغطية الجمع والاستخدام شبه الآلي لدفن النفايات.

أهم التوصيات

وللتقليل من مخاطر التبذير الغذائي، أوصى مؤلفو الدراسة، بضرورة اعتماد أساليب دائرية تعطي الأولوية للأنظمة الغذائية المستدامة والصحية للجميع، مع تقليل النفايات إلى الحد الأدنى.

وفي هذا السياق، شدد مدير برنامج المدن المستدامة نبيل حمدي، على ضرورة معرفة الظاهرة وقياس مستويات الهدر الغذائي في جميع المراحل وبين جميع الفاعلين الاقتصاديين والمستهلكين، وتعبئة أكبر عدد من الفاعلين المعنيين لتحديد وتنفيذ الإجراءات التي تسمح بالحد من الهدر.

وأبرز أن مكافحة التبذير الغذائي تتطلب إنشاء إطار قانوني ينظم هذه المسألة وفرض ضرائب زائدة على الهدر الناتج عن تبذير الطعام، وإنشاء نظام إطار تحفيزي لمكافحة هدر الأغذية وآليات محددة لتشجيع إعادة تدوير النفايات.

كما حثّ على تشجيع الشركات الناشئة الناشطة في تطوير حلول لمكافحة هدر الغذاء واسترجاع النفايات، واستخدام الذكاء الاصطناعي والحلول التكنولوجية لرفع مستوى الوعي وإشراك المواطنين في هذه المعركة وتنفيذ خطة عمل مكافحة التبذير الغذائي.

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version