أكد المختصون والخبراء أن مصر تمر بأزمة اقتصادية عميقة تهدد بتعطيل سياساتها الداخلية والاقتصادية والخارجيةفاقمت على مدار العامين الماضيين، وفقاً لمجموعة الأزمات الدولية.
ويذكر أن مصر على غرار بقية البلدان النامية التي يعتمد اقتصادها بنسبة كبيرة على التوريد والمديونية ، تأثر اقتصادها بجائحة كورونا والحرب بين روسيا وأوكرانيا بشكل كبير .
تصنيف وكالة “فيتش” الجديد وقرض صندوق النقد
علنت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني ، أمس الجمعة 3 ماي 2024 ، انها عدلت النظرة المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية.
وأكدت الوكالة تصنيف مصر عند “-B”، مشيرة إلى انخفاض مخاطر التمويل الخارجي وقوة الاستثمار الأجنبي المباشر.
وفي مارس، وافق صندوق النقد الدولي على دعم مالي موسع لمصر بقيمة ثمانية مليارات دولار.
وقال مسؤول في صندوق النقد الدولي الشهر الماضي إن برنامج قروض الصندوق مع مصر من شأنه أن يساعد البلاد في خفض عبء ديونها تدريجيا.
وفي فيفري ، حصلت مصر على استثمار عقاري بقيمة 35 مليار دولار من الإمارات لتطوير مشروع رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط.
مرونة الصرف والتصنيف
وقالت فيتش إن الخطوات الأولية لاحتواء الإنفاق خارج الميزانية من شأنها أن تساعد في الحد من مخاطر القدرة على تحمل الدين العام.
وأضافت فيتش في بيان: “ستكون مرونة الصرف أكثر استدامة مما كانت عليه في الماضي وهو ما يعكس جزئيا مراقبتها الوثيقة في إطار برنامج تسهيل الصندوق الممدد الموقع بين مصر والصندوق والذي يستمر حتى أواخر عام 2026”.
وعدلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لمصر إلى “إيجابية” في أوائل مارس، بينما أبقت تصنيفها دون تغيير بسبب ارتفاع نسبة الدين الحكومي وضعف القدرة على تحمل الديون مقارنة بنظيراتها.
الحكومة: “حققنا مؤشرات ايجابية”
وفي سياق متصل ، علق وزير المالية المصري محمد معيط، اليوم السبت 4 ماي 2024 ، على تعديل وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلى إيجابية مؤكدا حرص الدولة على تنشيط قطاعاتها الاقتصادية.
وقال إن “الاقتصاد المصري بدأ بصورة تدريجية استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية، بمسار أكثر تحفيزا للانطلاق لآفاق أكثر إيجابية واستقرارا، من خلال انتهاج السياسات الاقتصادية الإصلاحية والمتطورة والمتكاملة والمستدامة، بما يعزز مسيرة التعافي والاستقرار والنمو المستدام، وخلق المزيد من فرص العمل، بدفع جهود تمكين القطاع الخاص، ومضاعفة مساهماته في النشاط الاقتصادي الوطني، خاصة فى ظل حرص الدولة على تنشيط القطاعات الإنتاجية والصناعية والتصديرية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة”.
ولفت إلى أن “تخفيض الإنفاق الاستثماري العام للدولة ووضع سقف له بـ(تريليون جنيه)، خلال العام المالي المقبل، يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة”.
وأكد وزير المالية: “استطعنا تحقيق مؤشرات مالية إيجابية خلال التسعة أشهر الماضية، تترجم الجهود المبذولة لإرساء دعائم الانضباط المالي”.
وأضاف: “حيث فاقت نتائج الأداء المالي في الفترة من جويلية 2023 إلى مارس 2024، التقديرات والمستهدفات الموازنية، وسجلنا فائضا أوليا بقيمة 415 مليار جنيه بمعدل 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 50.1 مليار جنيه بمعدل نصف في المائة في نفس الفترة من العام المالي الماضي، بنسبة نمو سنوي أكثر من 8 مرات ونصف، وتحقيق عجز كلي 5.42%٪ من الناتج المحلي الإجمالي”.
تأثر الجنيه
ويذكر أن وكالات اعلام محلية أكدت أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري استقر اليوم السبت 4 ماي 2024 ، عند آخر مستوياته المسجلة بمختلف البنوك، بالتزامن مع الإجازة الأسبوعية وعطلة شم النسيم واحتفالات الأقباط بعيد القيامة والتي بدأت منذ أمس.
وقدرت قيمة صرف العملة الخضراء اليوم مقابل الجنيه المصري في البنوك المصرية 47.9 جنيه للشراء، و48 للبيع .
وقد شهد سعر صرف الدولار ارتفاع كبير في الفترة الأخيرة خاصة في السوق السوداء وتجاوز كل التوقعات .
وقال نائب محافظ البنك المركزي المصري، رامي أبو النجا إن مصر ملتزمة بالحفاظ على سعر صرف مرن لضمان توافر العملة الأجنبية، وهو شرط رئيسي في برنامج قرض قيمته 8 مليارات دولار وقعته القاهرة مع صندوق النقد الدولي.
وسمحت مصر لعملتها بالانخفاض بشكل حاد في السادس من مارس بعد أن أبقت سعرها ثابتا أمام الدولار لنحو عام. وأدى تثبيت سعر صرف الجنيه عند أعلى من قيمته إلى نقص حاد في العملات الأجنبية وتباطؤ الواردات الحيوية، بما في ذلك مدخلات التصنيع والسلع الاستهلاكية.
نقص حاد في العملة الاجنبية
وأدى عدم اليقين إزاء أسعار الصرف إلى امتناع المصريين في الخارج عن إرسال تحويلاتهم إلى بلدهم، مما كان له أثر سلبي على مصدر رئيسي للنقد الأجنبي.
وانخفضت التحويلات بنحو عشرة مليارات دولار إلى 22 مليار دولار خلال العام المالي المنتهي بنهاية جوان 2023 مقارنة بالعام السابق.
وقال أبو النجا “ما نشهده اليوم هو انتعاش أحجام المعاملات بين البنوك. ونرى أيضا أن السوق قادرة على حفظ توازنها ونرى أن السيولة تجد طريقها مرة أخرى إلى السوق”.
مصر أكبر مستورد للحبوب في العالم
وتجدر الإشارة إلى أن مصر أكبر مستورد للحبوب في العالم ، وتحصل على نحو 80 في المائة من احتياجاتها من روسيا وأوكرانيا. ومع تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار بنسبة تجاوزت 33 في المائة، أضيف ما يقرب من ملياري دولار إلى ميزانية دعم الحبوب في مصر البالغة 3.2 مليار دولار، ما أجبر القاهرة على الاعتماد على احتياطاتها من العملات الأجنبية.
يعد شح الدولار أحد أبرز التحديات الاقتصادية في مصر الآن، خاصة أنها تعتمد على الاستيراد، وخلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي انخفضت فاتورة الاستيراد بنسبة 20.1 في المائة، مسجلة 46.3 مليار دولار، وفقاً للإحصاءات الرسمية.
ارتفاع جنوني للأسعار
هذا ويذكر أن نقص الدولار والضغوط على السوق الموازية دفعا نحو موجة غلاء تزامنت مع ارتفاع نسب التضخم بمعدلات غير مسبوق ة، حيث وصل في سبتمبر الماضي إلى 38 في المائة، قبل أن يتراجع على أساس سنوي إلى33.7 في المائة في شهر ديسمبر ، وإن ظل معدلاً مرتفعاً يضع عبئاً هائلاً على السكان الذين يعيش ما يقرب من ثلثهم بالفعل تحت خط الفقر.
وبمواجهة موجات التضخم المرتفعة اتخذت الحكومة إجراءات للحد من تداعياته على المواطنين، عبر مراقبة الأسواق، وتفعيل برنامجي “تكافل” و”كرامة” لدعم الفئات الأكثر احتياجاً.
ديون خارجية تجاوزت 160 مليار دولار ومراقبون يحذرون
توسعت مصر خلال السنوات العشر الأخيرة في الاقتراض لتتجاوز ديونها الخارجية الآن 160 مليار دولار، تنفق على سدادها أكثر من 40 في المائة من إيراداتها.
ولم يحقق قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، التأثير المأمول لجهة الحد من الأزمة الاقتصادية، ويرجع خبراء ذلك إلى أنه قرض مشروط بتعويم سعر الصرف وتقليص الدولة لدورها بشكل كبير في الاقتصاد.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن نسبة إجمالي الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد هي الأعلى حالياً بين الاقتصادات الناشئة، وتقدر بنحو 92.7 في المائة .
وتتوقع موازنة مصر 2023 – 2024 أن تستوعب مدفوعات السداد 56 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي.
وعد مراقبون الديون سبباً رئيسياً في دق ناقوس الخطر. لكن المسؤولين في مصر عادة ما يوجهون رسائل طمأنة بقدرتهم على سداد التزاماتهم المالية.