تقرير: 2700 وثيقة مدلسة وفق النتائج الأولية بينها شهادات مزيفة، هذه العقوبات المنجرّة عن افتعالها..!

خولة الرياحي

صرح رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال لقائه الاثنين 13 ماي 2024 مع رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، عماد الحزقي، بوجود أكثر من 2700 وثيقة تدل كلّ القرائن على أنّها مدلّسة وذلك وفق التقرير الأولي للجنة قيادة عمليات التدقيق في الانتدابات والإدماج بالوظيفة العمومية والهيئات والمؤسسات والمنشآت العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية الأخرى والمنجزة من 14 جانفي 2011 إلى 25 جويلية 2021 والذي تسلمه قيس سعيّد من مقرر اللجنة ورئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، عماد الحزقي.

خاصة التثبت في صحة الشهائد العلمية…

مذ انطلق الحديث عن نزاهة عمليات الانتداب بالوظيفة العمومية شغل الرأي العام ملف الشهادات المدلّسة. إذ انتشرت عدة أرقام في هذا الخصوص أثارت جدلا واسعا قبل أن يكشف أنها ضرب من زيف هي أيضا وليست مبنية على وقائع دقيقة.فقد صرح المحلل الاقتصادي عز الدين سعيدان يوم 19 أكتوبر 2022 إنه ” تم إحصاء 12 ألف موظف في وزارة التربية تم انتدابهم في فترات سابقة وهم حاملون لشهادات مزورة، وأن هذا الرقم ورد في تقرير صدر عن محكمة المحاسبات”.

وقال رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، إبراهيم الميساوي في مداخلات إذاعية إن عدد الموظفين الحاملين لشهائد المزيفة قد يقدر ب 100 ألف موظف وقد نشر هذا التقدير في جريدة الشروق يوم 7 أوت 2023 ولكن تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي حينها على أساس أنه رقم حقيقي.

رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، إبراهيم الميساوي

وكلا الرقمين مزيف وفق تحري منصة “تونس تتحرى” حيث أكد الميساوي في تصريح لها نشر يوم 10 أوت 2023 أن الرقم مبني على تكهنات وتحاليل الجمعية التونسية لمكافحة الفساد.

كما أكدت المنصة اشتغالها على تصريح سعيدان وثبوت عدم صحة الرقم.

وفي إطار الاهتمام العام بمصداقية الشهائد العلمية من عدمها، شدّد الأمر عدد 591 لسنة 2023 المؤرخ يوم 21 سبتمبر 2023، المتعلق بإجراء تدقيق شامل لعمليات الانتداب والإدماج بالوظيفة العمومية والهيئات والمؤسسات والمنشآت العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية التي تمت منذ 14 جانفي 2011 إلى غاية 25 جولية 2021، على أهمية التثبت من الشهائد العلمية في عمل لجان التدقيق.

فقد أعلن الأمر عدد 591 في فصله الثاني عن إحداث لجنة قيادة لعمليات التدقيق توضع تحت إشراف رئاسة الحكومة يرأسها رئيس الحكومة أو من ينوبه ويشغل منصب المقرر فيها رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية في حين يمثل رئيس هيئة الرقابة العامّة للمصالح العمومية ورئيس هيئة الرّقابة العامّة للماليّة ورئيس هيئة الرّقابة العامّة لأملاك الدّولة والشّؤون العقاريّة وثلاثة قضاة من القضاء العدلي والإداري والمالي يتم تعيينهم بأمر، أعضاء لجنة القياد إمكانية استدعاء رئيس اللجنة كل شخص يرى فائدة في حضوره.

وتتولّى لجنة القيادة تكليف لجان تدقيق وتحديد مهامها كما تعمل على تيسير أعماله ومتابعة تقاريرها (الفصل 3).

ونص الأمر في فصله الرابع على أن لجان التدقيق تتركب من المراقبين أو المتفقّدين المنتمين إلى هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية، وهيئة الرّقابة العامّة للماليّة، وهيئة الرّقابة العامّة لأملاك الدّولة والشّؤون العقاريّة، والتفقديّات العامّة ومختلف الهياكل المكلفة بالرقابة بالمؤسسات المعنية بالتدقيق.

تتولى كل لجنة تدقيق وفق الفصل الخامس التثبت في احترام شروط الانتداب والإدماج ومدى تلاؤمها مع التشريع الجاري به العمل كما تتولى “خاصة التثبّت في صحة الشّهائد العلميّة.”

الرائد الرسمي للجمهورية التونسية

كيف تتم عمليات التثبت من الشهائد العلمية؟

أكد رئيس جمعية إطارات الرقابة والتفقد والتدقيق بالهياكل العمومية التونسية عادل الغزي في لقاء إعلامي يوم الخميس 14 ديسمبر 2023 بإذاعة شمس اف ام أن عملية التدقيق في الشهائد تتم وفق آليتين إما التثبت من خلال المنظومات المعلوماتية الوطنية مثل شهائد الباكالوريا التي يمكن التحقق من مصداقيتها بالدخول لبنك معلومات وزارة التربية.

كذلك الشهادة الوطنية لمهندس أو الشهادة الوطنية لمهندس في العلوم التطبيقية والتكنولوجيا يمكن الولوج لجدول عمادة المهندسين ولكن فيما يخص الشهادات الجامعية الأخرى التدقيق فيها يستجوب العودة إلى أرشيف المؤسسات الجامعية المعنية إما عبر مراسلات أو الذهاب على عين المكان.

أما عن شهائد التكوين المهني في المؤسسات العمومية فأشار الغزي إلى وجود قاعدة بيانات يتم العودة إليها ولكن يصعب الامر حينما يتعلق بالتكوين الخاص فقد يكون الموظف متحصل على شهادة وحقيقية لكن أسندت دون الحضور اللازم للمتعلم، على حد قوله.

رئيس جمعية إطارات الرقابة والتفقد والتدقيق بالهياكل العمومية التونسية، عادل الغزي

تجاوز الآجال القانونية لتقديم التقرير الختامي مرتين واليوم نحن بلا موعد جديد محدد…

في حين كان من المقرر نشر نتائج التدقيق الشامل لعمليات الانتداب والادماج في الوظيفة العمومية والقطاع العام يوم 20 مارس 2024 وذلك بعد التمديد في مدة التدقيق بشهرين ابتداء من 20 ديسمبر 2023 لم تصدر النتائج في موعدها القانوني للمرة الثانية.

إذ انطلق عمل كافة اللجان يوم 20 أكتوبر 2023 بعد أن أمضى رئيس الحكومة أحمد الحشاني يوم 19 أكتوبر 2023 على أذون بمأموريّة تمّ بمقتضاها تكوين لجان خاصة للتدقيق الشّامل في عمليات الانتداب والإدماج بكل الوزارات وسائر الهياكل الراجعة لها بالنظر وأذن بانطلاق كافة اللّجان في إنجاز مهامّها بداية من يوم 20 أكتوبر 2023 وفقا لبلاغ وزارة الداخلية المنشور على موقعها الرسمي المنشور في ذات اليوم.

وتطبيقا للفصل السادس من الأمر 591 لسنة 2023 سالف الذكر كان من المفترض أن تنتهي مهام اللجان يوم 20 ديسمبر 2023 أي بعد شهرين من مباشرتها ورفع تقاريرها إلى رئاسة الحكومة بصفته رئيس لجنة القيادة في عمليات التدقيق ليقوم رئيس الحكومة برفع تقرير ختامي إلى رئاسة الجمهورية بعد شهر ما يتوافق مع يوم 20 جانفي 2024 الذي لم يشهد تقديم النتائج.

أثار تأخر إتمام عمليات التدقيق وتقديم التقارير تساؤلات الرأي العام حيث استنكر مرصد رقابة تجاوز الآجال القانونية لإنجاز عمليات التدقيق في بيان على صفحته الرسمية يوم 23 جانفي 2024.

وعليه تم يوم 26 جانفي 2024 إصدار الأمـــر عدد 86 لسنة 2024 مؤرّخ في 26 جانفي 2024 يتعلّق بالتمديد في الأجل الممنوح للجان التدقيق المنصوص عليه بالفصل 6 من الأمر عدد 591 لسنة 2023.

وينص الأمر في فصله الأول على تمديد أجل انهاء أشغال لجان التدقيق ورفع تقاريرها إلى لجنة القيادة، بشهرين بداية من 20 ديسمبر 2023.

وبناء على هذا التمديد كان من المفترض قانونا أن يتم تقديم التقرير الختامي يوم 20 مارس 2024.

ولكن للمرة الثانية تجاوز انهاء عمليات التدقيق الشامل الآجال القانونية ولم تحدد الجهات الرسمية بعد مواعيد جديدة مضبوطة في حين فسرت الجهات الرسمية هذا التأخير بالصعوبات التي تواجهها لجان التدقيق اذ لم تتجاوز نسبة الاستجابة لمطالب لجنة القياد %60 وفق ما صرح به رئيس الجمهورية قيس سعيد في لقاءه يوم 1 أفريل 2024 مع عماد الحزقي رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية ومقرر لجنة قيادة عمليات التدقيق.

وأوضح سعيد خلال هذا اللقاء أن عمليات التدقيق تتعلق بحوالي 432 ألف انتداب، وفق ما جاء به بلاغ رئاسة الجمهورية.

وتم يوم 13 من الشهر الجاي تقديم التقرير الأولي للجنة القيادة في حين أمر رئيس الجمهورية بالإسراع في إعداد التقرير النهائي دون تقديم موعد محدد.

كما أذن بتحديد كل الجهات التي لم تستجب لمطالب اللجنة أو قدّمت معطيات خاطئة حتى تتحمل مسؤولياتها القانونية كاملة وفق بلاغ رئاسة الجمهورية.

ليؤكد على أن تأخر صدور النتائج النهائية يعود لعدم استجابة المؤسسات المعنية بنسبة 100%.

تجاوز الآجال القانونية لتقديم التقرير الختامي لعمليات التدقيق الشّامل

افتعال شهائد علمية: عقوبات تتراوح بين الست أشهر والسنتين بالإضافة لخطايا مالية…

في حال ثبوت زيف الشهادة العلمية للموظف تتولى الإدارات والهياكل المعنية سحب قرارات الإدماج أو الانتداب وذلك بصرف النظر عن التتبعات الجزائية في الغرض.

فيما يتعلق بالشهائد العلمية المزيفة نحن بصدد الحديث عن افتعال وثيقة غير موجود ويعتبر افتعال وثيقة في القانون التونسي جنحة بالتالي لا تتجاوز العقوبة المنجرة عن ارتكابها خمس سنوات وفق ما وضحه لنا القاضي عمر الوسلاتي المستشار بمحكمة الاستئناف.

وطبقا للفصل 199 من المجلة الجزائية يعاقب بالسجن مدة عامين كل من يفتعل باسم موظف عمومي شهادة في حسن السيرة أو في الاحتياج أوغير ذلك من الشهادات التي من شأنها استجلاب رأفة الدولة أو أفراد الناس أو الحصول على الاستخدام أوالاقتراض أو الإعانات.

وتنطبق نفس العقوبة على من يتعمد استعمال شهادة مدلسة، وعلى من يدلس شهادة من هذا النوع أصلها صحيح.

وإذا كان افتعال الشهادة باسم غير الموظف العمومي فالافتعال أو الاستعمال يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ستة أشهر.

ويعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى عامين وبخطية من أربعين إلى أربعمائة دينار أو بإحدى العقوبتين فقط بقطع النظر عن تطبيق العقوبات الأشد المنصوص عليها بالمجلة الجزائية وبالنصوص القانونية الخاصة عند الاقتضاء كل من يتعمّد إقامة شهادة أو صك نصّ فيه على أمور غير حقيقية بصفة مادية، وكل من يدّلس أو يغيّر بأي كيفية كانت شهادة أو صكا أصلهما صحيح، كذلك كل من يستعمل عمدا شهادة أو صكا غير حقيقي أو مدّلسا.

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version