ألقى عشية اليوم الثلاثاء، عالم الكيمياء ذو الجذور التونسية والحائز على جائزة نوبل منجي الباوندي، محاضرة علمية بقاعة المؤتمرات بالأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس، واكبها وزير الخارجية نبيل عمار ومجموعة من السفراء و الدبلوماسيين و الجامعيين والباحثين.
ورغم التأخر في انطلاق المحاضرة عن موعدها المحدد في الثانية والنصف ظهرا بسبب أعطاب تقنية، بقي الصمت والفضول سيّدا الموقف في القاعة إذ حبس الحاضرون أنفاسهم تهيؤا للاستماع باهتمام إلى عصارة بحث العالم الباوندي ومداخلته العلمية الأولى بتونس.
بالنسبة إلى بعض الحاضرين الذين لا يتقنون اللغة الإنجليزية كادت المحاضرة أن تكون بلا معنى لغياب أي مترجم. لكن الباوندي الذي ترعرع ودرس في فرنسا قبل انتقاله مع والديه إلى الولايات المتحدة اختار لغة موليار ليشرح خلاصة بحثه ومسيرته العلمية والعائلية.
وزيارة الباوندي لتونس بعد حصوله عام 2023 بالاشتراك مع كل من الأميركي لويس بروس والروسي ألكسي إكيموف على جائزة نوبل للكيمياء، تأتي استجابة إلى دعوة جامعة تونس المنار وجمعية خريجي المدرسة الوطنية للمهندسين، وانحناء منه لوطنه حيث نشأ.
ومنحت الجائزة للعلماء الثلاثة لاكتشافهم وتطويرهم المجال العلمي لما تسمى النقاط الكمومية، وهي بلورات نانوية من أشباه الموصلات ذات التطبيقات المتعددة، أو بتعبير الأكاديمية السويدية للعلوم هي جزيئات نانوية شديدة الصغر بحيث يحدد حجمها خصائصها.
وصرح الباوندي إنه جاء لتونس ليتحدث عن بحثه العلمي وعن حياته الجامعية والعائلية، مبرزا أن حصوله على جائزة نوبل للكيمياء لاكتشاف وتحليل النقاط الكمومية يعني أن البحث العلمي الذي أنجز مهم للغاية في حياة الإنسان.
لا يبدو أن الباوندي الذي يحط الرحال غدا الأربعاء للمحاضرة بالمدرسة الوطنية للمهندسين وبعد غد في للمحاضرة بكلية الطب بسوسة قد جاء لتونس فقط من أجل تقديم خطاباته العلمية الدقيقة، فالرجل لا يضيع أي فرصة في حديثه لتوجيه النصح للطلبة والتلاميذ.
بالنسبة إليه لا يحتاج الباحث أو الطالب أو التلميذ أن يكون ذكيا كي ينجح لينجحوا، ببساطة ما يحتاجه كل هؤلاء الفضول وحب الاطلاع والمعرفة وعدم الاستسلام والنهل من العلم والمعرفة والاستمتاع بالحياة أيضا، هكذا تحدث بعفوية الباحث التونسي الأمريكي منجي الباوندي.
وفي محاضرته بالأكاديمية الديبلوماسية الدولية بتونس عرج الباوندي على بحوثه المتعددة، مشيرا إلى أنه في سنة 1993، أحدث ثورة في الإنتاج الكيميائي للنقاط الكمومية، ما أدى إلى جزيئات متكاملة تقريبا، وكانت هذه الجودة العالية ضرورية لاستخدامها في التطبيقات.
ويقول الباوندي إن الجزيئات متناهية الصغر لتكنولوجيا النانو تنشر أضواءها من شاشات التلفاز إلى مصابيح الليد (Led)، كما يمكنها أن تقود الجراحين عندما يزيلون أنسجة الأورام، وذلك ضمن طيف واسع من التطبيقات والاستخدامات المتنامية في الطب والتكنولوجيا.
وبفضل جهود هؤلاء العلماء التأسيسية أصبحت النقاط الكمومية الآن تضيء شاشات الحاسوب وشاشات التلفاز وغيرها من الأجهزة، ومن ثم فإن النقاط الكمومية تحقق أكبر فائدة للبشرية. يقول الباوندي “قبل 30 عاما لم نكن نملك سوى الفضول واليوم نجني ثمار ذلك الفضول”.
المصدر: وات