كشفت الأرقام الصادرة عن منظمات المجتمع المدني في تونس أن عدد الشكايات ضد البنوك في علاقة بتوظيف اداءات على المواطنين ، شهد ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة .
وأعلنت منظمة “الارت” أنها تلقت 1099 شكاية ، خلال 2023 ، من مواطنين ضد بنوك وتعلقت أغلب المخالفات بعدم إغلاق الحساب رغم طلب الحريف مما تسبب في ديون غير مبررة وعدم التمتع بالخدمات المجانية التي ينص عليها القانون.
ديون طائلة تلاحق التونسيين
كشفت بيانات مصرفية عن تحقيق البنوك التونسية مكاسب كبيرة من العمولات التي تفرضها على الحسابات المصرفية، ما يشكل ضغطاً مالياً إضافياً على العملاء، ومنهم أصحاب الحسابات غير النشطة.
وأظهر تقرير صادر عن الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية تحصيل المصارف التونسية 1.3 مليار دينار (429 مليون دولار) في شكل عمولات على ما يزيد عن 10.2 ملايين حساب بنكي في عام 2021، مسجلة زيادة بنسبة 13.3% في العمولات الموظفة مقارنة بعام 2020.
وحققت البنوك أعلى نسبة في العمولات الموظفة على الحسابات مقارنة بالسنوات الأربع السابقة، وفق التقرير، فيما يشكو كثيرون من تعمّد المصارف فرض عمولات تراكمية على حسابات لم يستعملوها لفترات طويلة.
وغالباً ما تتحوّل العمولات المتراكمة إلى ديون إلزامية تثقل كاهل المودعين الذين تطالبهم البنوك بدفعها تجنّباً لحرمانهم من الحصول على القروض المصرفية بعد إدراجهم في سجل الممنوعين من الاقتراض.
توظيف عمولات على الحسابات المجمدة.. ماذا عن القانون؟
قال أستاذ قانوني بنكي وعضو الجمعية التونسية للمالية محمد النخيلي إنه على الحريف معرفة حقوقه وواجبته في علاقة بالقطاع البنكي ، مشيرا إلى أن توظيف أموال على حسابات غير نشيطة لمدة 3 أشهر غير قانوني .
وبين أنه في حالة عدم حدوث أي عملية على حساب جاري لمدة 3 أشهر على البنك تجميده وبعد سنة غلقه تماما ، لافتا إلى أن ضرورة غلق الحسابات .
كما كشف أنه في حالة الحسابات المدينة كرس القضاء في تونس نظرية القفل الضمني للحساب ، من خلال غلق الحساب اليا بعد سنة ، مؤكدا ان القضاء ينصف صاحب الحساب .
ودعا المواطنين في حالة الوقوع في هذا الاشكال الى مطالبة البنك بإيجاد حلول وغلق الحساب دون دفع المبالغ التي قد تصل الى الف دينار واكثر ، موضحا على الاداءات الموظفة على حساب غير نشيط لمدة سنة لا تتجاوز 40 دينار ، وفق تعبيره .
مبادرات تشريعية جديدة
قدم 58 نائب بمجلس نواب الشعب مؤخرا مبادرة تشريعية لتنقيح الفصل 732 من المجلة التجارية ، المتعلق بمسألة الحسابات البنكية الجارية المجمدة والتي تتولى البنوك توظيف اداءات عليها بمبالغ طائلة.
واعتبر النواب في شرح أسباب هذه المبادرة ان البنوك بتوظيفها لمبالغ مالية كبيرة من شانها اثقال كاهل أصحاب الحسابات البنكية سيما وأنها تقوم برفع قضايا استخلاص هذه المبالغ لتحقيق أرباح دون موجب ودون وجه حق وفق نظرهم.
وطالبوا بتنقيح الفصل المذكور في اتجاه تفعيل منشور البنك المركزي التونسي عدد 24 لسنة 1991 الذي يقضي ان يتم الغلق الالي لهذه الحسابات البنكية المجمدة من طرف ابنوك في اجل أقصاه 90 يوم عمل بهدف حماية الحرفاء ولبناء علاقة ثقة جديدة مع المتعاملين مع البنوك خاصة فيما يتعلق بغلق الحسابات الجارية المجمدة أي الغير مستعملة .
واكد أصحاب المبادرة التشريعية وجوب وضع الية تشريعية لتأطير عملية غلق الحسابات الجارية غير المستعملة من طرف البنوك ومن طرف صاحبها والتأكيد على الصبغة المجانية لهذه العملية.
كما نصت المبادرة التشريعية على اعفاء الورثة من أي اداءات توظفها البنوك على الحسابات البنكية في صورة وفاة صاحب الحساب.
سوق ضعيف وتونس في المرتبة قبل الأخيرة افريقيا في عدد الحسابات المصرفية
بلغت نسبة التونسيين الذين يتمتعون بحساب بنكي في تونس 36% ، واحتلت بذلك البلاد المرتبة 17 افريقيا ، وهي المرتبة قبل الأخيرة ، وفق بيانات الشمول المالي الصادرة عن البنك الدولي “Findex” .
واكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن وضع السوق البنكي في تونس يتميز بضعف المنافسة فقد ارتفعت العمولات على الحسابات الجارية في السنوات العشر الماضية ب 67% ، مشيرة إلى أن كل الدراسات الاستقصائية التي أجريت مؤخرا في تونس تظهر أن حوالي ثلثي السكان ليس لديهم حساب مصرفي وأن هذا الضعف يمثل عقبة امام الحصول على التمويل خاصة بالنسبة الى الشركات.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الحسابات البنكية في تونس، شهد خلال السنوات الخمس الأخيرة، تطور بنسبة 1،7 بالمائة سنويا، ليتجاوز 10 ملايين حساب مع نهاية 2022، وفق ما أفاده البنك المركزي التونسي في تقريره السنوي حول الرقابة البنكية لسنة 2022 .
قانون مكافحة الاقصاء المالي
تم خلال شهر مارس الماضي إحالة مشروع قانون مكافحة الاقصاء المالي على البرلمان بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه ، وشرعت لجنة المالية في نظر في والاستماع إلى الجهات المعنية ، حيث تم عقد جلسة صلب اللجنة حضرها ممثلين عن وزارة تكنولوجيا الاتصال والرئيس المدير العام للديوان الوطني للبريد .
ويذكر أن أن مشروع هذا القانون يكتسي أهمية بالغة ويندرج في اطار استراتيجية بناء الدولة الاجتماعية بحكم أنه يتيح لكل فئات الشعب التونسي وخاصة محدودي الدخل إمكانية الولوج واستعمال المنتجات والخدمات المالية بما يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وتحسين ظروف العيش ، حسب ما اكده النواب.
من جهته ، أكد المحلّل المالي، بسّام النيفر، أن مشروع قانون مكافحة الإقصاء المالي سيكون له الأثر الإيجابي في زيادة عدد الحسابات البنكية والبريدية، لاسيما، في عدد التطبيقات الالكترونية المجانية في مدّة قصيرة في تونس وسيمكن كذلك من دعم مؤسسات التمويل الصغرى ، وفق تقديره .
وأشار النيفر إلى أنّ نسبة النفاذ الحالية في حدود 3 بالمائة في تونس ، معتبرا ان هذه النسبة ضعيفة جدا بالمقارنة مع الإمكانيات الكبيرة لتحسينها.