أدى وزير الأعمال والصناعة الإيطالي أدولفو أورسو، زيارة رسمية إلى تونس في إطار خطة ماتي، إلتقى فيها بعدة مسؤولين تونسيين.
وفي لقاء جمعه بوزيرة الاقتصاد فريال السبعي، أكد أورسو أهمية دفع التعاون الصناعي الثنائي، وذلك استنادا إلى التحول الأخضر والرقمي المزدوج، مع تآزر مستهدف في مجال الطاقة المتجددة و توفير المواد الخامة الحيوية الضرورية لتحقيق الاستقلال الاستراتيجي.
كما أعرب المسؤول الإيطالي، عن استعداده للتعاون في مجالات البحوث والأدوية وتدريب الإدارة العامة وتطوير الذكاء الاصطناعي.
وجاءت زيارة أورسو بعد أيام من موافقة مجلس النواب على مشاريع قوانين تتعلق بالموافقة على ثلاث اتفاقيات بشأن القروض الممنوحة من البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، و من بنك التنمية KWF إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز (ستيج) لتمويل مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا (إلماد) وتطوير إنتاج الطاقة المتجددة.
وتمت الموافقة على مشروع القانون الأول المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الموقعة في 20 ديسمبر 2023 بين تونس والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لمنح قرض مضمون من الدولة بقيمة 45 مليون دولار، بأغلبية 105 أصوات مقابل 11 صوتا وامتناع ثمانية أعضاء عن التصويت.
وخط “إلماد” سيتم إنشاءه من أجل الربط الكهربائي بين إيطاليا وتونس، من جانب شركة تيرنا و ستيج، مشغل الشبكة التونسية، فيما يبلغ إجمالي طول خط الكهرباء، الذي من المتوقع أن يبلغ إجمالي استثماراته حوالي 850 مليون يورو، حوالي 220 كيلومترًا، ومعظمه كابل بحري.
بالإضافة لذلك، يعمل هذا الربط على تحسين أمن الطاقة في تونس، وتقليص العجز في الطاقة، ومساعدتها على تحقيق أهدافها في مكافحة انبعاثات الغازات الدفيئة.
يشار إلى أن الربط جزء من مشاريع خطة ماتي الإيطالية وهو عمل استراتيجي لنظام الكهرباء الإيطالي ضمن أهداف تحول الطاقة التي حددتها الخطة الوطنية المتكاملة للطاقة والمناخ حيث تهدف إلى تحسين التكامل بين أسواق الاتحاد الأوروبي ودول شمال أفريقيا.
تعزيز التعاون الثنائي في المجال الرقمي
وفي سياق متصل، وقع الوزير الإيطالي على إعلان مشترك مع وزير تكنولوجيات الاتصال بتونس نزار بن ناجي، يهدف إلى تعزيز مبادرات التعاون الاقتصادي والصناعي في مجال الذكاء الاصطناعي والبحث في مجال التحول الرقمي، وذلك في انسجام تام مع مبادئ خطة ماتي التي تعتبر تونس بلدا ذا أولوية في أعمال التنمية.
وتهدف الاتفاقية الإيطالية التونسية إلى تسهيل الاستثمارات المباشرة والمبادرات المشتركة بين شركات البلدين، واستكشاف أوجه التعاون في مجال التحول الرقمي، من خلال تبادل المعلومات والمعرفة في مجال البحث والتقنيات الرائدة والتدريب.
ويركز الإعلان المشترك على مشروع إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة، على النحو المتوخى في الاجتماع الوزاري لمجموعة السبع في فيرونا بشأن الصناعة برئاسة أورسو، والذي سيكون بمثابة حافز للأنظمة البيئية للذكاء الاصطناعي في القارة الأفريقية، بهدف تعزيز أوجه التآزر الهامة لمرافقة التطور الرقمي، بحسب ما نقله موقع “ديكود 39” الإيطالي.
وأكد أورسو أهمية الانتقال الرقمي، مشيراً إلى أنه يمكن تعزيز التعاون مع تونس فيه بما يمكن أن يفيد منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها، مشيراً إلى أن الهدف من مركز الذكاء الاصطناعي إنشاء شراكات تسمح للبلدان الأفريقية بالوصول إلى القدرة الحاسوبية اللازمة لنماذج الذكاء الاصطناعي ودعم تنمية المهارات.
وأكد أورسو أن تونس يمكن أن تلعب بحكم موقعها الجغرافي، إلى جانب إيطاليا، دورا رئيسيا في التواصل بين أوروبا وإفريقيا.
وتابع: بلادنا بما لديها من موانئ وبنية تحتية للطاقة واتصالات بالكابلات مع البلدان الواقعة على الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، ترى في تونس شريكا أساسيا لتنمية المنطقة بأكملها.
وقال أورسو إنه في مجموعة السبع، تحت الرئاسة الإيطالية، سيتم تحديد إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي يهدف إلى التنمية المستدامة وبالتالي التعاون مع أفريقيا، والذي من المحتمل أن يتم إنشاؤه في إيطاليا، والذي سيكون قادرًا على التعاون بشكل كامل مع تونس.
تعزيز الإستثمارات وتنويعها
وفي الإطار ذاته، التقى أورسو وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت شيبوب أمس الاثنين الذي حل بمقر الوزارة مرفوقا بسفير بلاده في تونس أليساندرو بروناس.
وناقش الجانبان تعزيز التعاون الاقتصادي التونسي الإيطالي بالاخص في قطاعات الصناعات المعملية والغذائية والطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر والمناجم.
الوزيرة ثمنت بالمناسبة مستوى العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين على جميع المستويات خصوصا المشاريع المشتركة في قطاع الطاقة على غرار أنبوب الغاز الجزائري العابر للبلاد التونسية نحو إيطاليا.
مؤكدة أهمية مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا المزمع إنجازه في أفق سنة 2028 ودوره في ربط القارتين الأوروبية والافريقية ومدى مساهمته في النهوض بالاستثمار في الطاقات المتجددة.
ماهي خطة ماتي؟
خطة ماتي هي عبارة عن جملة من المبادرات التي تسعى روما لتنفيذها مع بلدان القارة السمراء.
وتعود فكرة الخطة إلى وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني بالتعاون مع ميلوني حيث تتعلق النقطة الأولى منها بالتعهد بتمركز مجموعة السبع القادمة على القارة الأفريقية. أما الثانية فتتعلق بدول الساحل مركز زعزعة الاستقرار.
وتنص “خطة ماتي” لأفريقيا، والتي سميت على اسم مؤسس مجموعة الطاقة الإيطالية “إيني” إنريكو ماتي، على برنامج واسع من الاستثمارات والشراكات في قطاع الطاقة.
وتهدف خطة ماتي، وهي مشروع إستراتيجي على المستوى الجيوسياسي، إلى النظر إلى أفريقيا على قدم المساواة، بعيدا عن منطق الخيرية أو الأبوية أو الرفاهية، وتعميق الشراكات القديمة وإقامة شراكات جديدة في أفريقيا، ومراعاة مصالح كافة الأطراف المعنية، وفق تصريحات الجانب الايطالي.
وترتكز الخطة على الحاجة الضرورية الملحة لتعزيز مهام إدارة التعاون بين إيطاليا والدول الأفريقية، من أجل تعزيز التنموية الاقتصادية وبالتالي إيجاد حلول للهجرة غير الشرعية.
وتتبنى الحكومة الإيطالية “خطة التنمية والمرونة من أجل أفريقيا”، وهي بيان سياسي من سبع نقاط للقارة، ينتظر أن يصبح منصة يمارس الدبلوماسيون الإيطاليون من خلالها الضغط على مختلف وكالات الأمم المتحدة للحصول على ترجمة عملية لهذا الاتجاه السياسي.
ومن بنود الخطة بناء مراكز مؤقتة تشرف عليها الأمم المتحدة في البلدان الأفريقية التي تنطلق منها القوارب لإنشاء قنوات للهجرة النظامية وإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى وطنهم، وتدريب الصحافيين الأفارقة لرفع مستوى الوعي لدى أولئك الذين يعتزمون الهجرة، وذلك بشأن مخاطر الطرق غير القانونية.