صديقة الجميع يحتفل بيومها العالمي اليوم، الدراجة الهوائية وسيلة نقل بسيطة لها من الميزات البيئية والاقتصادية وخاصة الصحية ما جعل الجمعية العامة للأمم المتحدة تعلن 3 جوان يوما عالميا لها.
وسيلة نقل مستدامة
زادت انبعاثات غازات الدفيئة التي يتسبب بها قطاع النقل بأكثر من الضعف منذ عام 1970، حيث تتسبب المركبات على الطرقات بما يقارب 80% من هذه الزيادة وفي سنة 2021 بلغت نسبة قطاع النقل حوالي 24% من إجمالي انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة في العالم، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 60% بحلول عام 2050، حسب توقعات البنك الدولي.
وللحفاظ على مناخ قابل للعيش لكل الكائنات الحية لا بد أن ينخفض متوسط انبعاثات الكربون السنوية للفرد من 6.3 طن (2020) إلى 2.1 طن بحلول عام 2030 وفق أرقام الأمم المتحدة التي كشفت أن العيش دون سيارات يمكن أن يقلل من البصمة الكربونية للفرد بما يصل إلى 3.6 طن سنويا.
وهنا تتربع الدراجة الهوائية على عرش البدائل المستدامة في هذا المجال فعكس السيارات أو الدرجات النارية التي تعتمد على الوقود الأحفوري، تعمل الهوائية بالطاقة البشرية. وفي حال كانت وجهة الفرد بعيدة يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى وسائل النقل العام، أين يكمن الدور المهم للدراجة في الحد من الازدحام.
بالإضافة إلى ذلك، صناعة الدرجات الهوائية تحافظ على الموارد الطبيعية مقابل صناعة السيارات، فحاجيات الهوائية لتشكيلها ضئيلة جدا مقابل كميات الفولاذ والبلاستيك والمطاط والنحاس والزجاج والجلد،… لصناعة سيارة. كما تحافظ على الموارد المالية للفرد فسعر الدراجة لا يقارن بسعر السيارة كذلك كلفة صيانتها كما تساعد على توفير تكاليف الوقود ورسوم مواقف السيارات.
فيما يخص البنية التحتية تشغل ممرات الدراجات مساحة أقل من الطرق، مما يقلل الحاجة إلى تطوير الأراضي على نطاق واسع فيحد من تدمير البيئات الطبيعية للحيوانات لصالح البنى الحضارية كما يفسح المجال إلى جعل عدد من هذه الأرضي مساحات خضراء عوض طرق للسيارات.
تقلل من التلوث الناتج عن الضوضاء
لا يقل التلوث السمعي خطورة عن تلوث الهواء، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية تعد السيارات من أهم مسبباته.
إذ تساعدنا الخلايا الحسية داخل آذاننا على السمع، ويسبب التعرض لأصوات عالية مع مرور الوقت إجهادا لهذه الخلايا الحسية، والنتيجة هي فقدان السمع مؤقتا أو الشعور بطنين الأذن. وكلما ارتفع مستوى الصوت وطالت مدة الاستماع، زاد خطر فقدان السمع. لذا تحدد المنظمة العالمية للصحة مستوى الاستماع الآمن في حدود 80 ديسيبل لمدة تصل 40 ساعة في الأسبوع. أما إذا كان مستوى الصوت بمقدار 90 ديسيبل، فإن وقت الاستماع المأمون يتناقص إلى 12,5 ساعة في الأسبوع.
ويُعرّف الديسيبل بأنه وحدة قياس شدة الصوت، ويُقدر تردّد كلام الشخص الاعتيادي بـ50 إلى 60 ديسيبل، والضوضاء الناتجة عن أبواق السيارات تقدر بنحو 100 ديسيبل متجاوزا بذلك معدلات السماع الآمن. لذا يعد الاستغناء عن السيارات كوسيلة تنقل يومية واللجوء للدراجة الهوائية أحد أهم العوامل للحد من التلوث السمعي.
سبيل صحة جيدة
يقلل ركوب الدراجات خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 50%. لذا، يمكن اعتباره رياضة ممتازة لتحسين صحة القلب دون مخاطر المبالغة، أو تعريض أجزاء من جسمك للضرر، حسب دراسة للمجلة الطبية البريطانية التي تكشف أيضا عن علاقة مباشرة بين ركوب الدراجات الهوائية وانخفاض خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 52%.
وفق ذات المصدر يعد ركوب الهوائية وسيلة فعالة لتحسين الصحة العقلية ووظائف الدماغ، من خلال إطلاق المحفزات التي تساعد على الشعور بالتحسن والرفاهية وتقليل الإجهاد والتوتر، مثل الأدرينالين والإندورفين، خاصة لدى المتقدمين في السن.
كما يساعد على حرق مئات السعرات الحرارية وتقليل الدهون في الجسم، لذا توصي وزارة الصحة الأميركية بممارسة تمارين القلب، مثل ركوب الدراجات، لحوالي 300 دقيقة في الأسبوع، لتحقيق أكبر فائدة لفقدان الوزن، بشرط كثافة التدريب، واتباع نظام غذائي صحي.
ويؤثر إيجابا على صحة الرئة، إذ يشير موقع researchgate العلمي إلى أن البدء في رؤية تحسن كبير في صحة الرئة، لا يستغرق سوى 175 إلى 250 دقيقة من ركوب الدراجات في الأسبوع.
يحمينا من السكتات الدماغية والنوبات القلبية، هو ركوب الهوائية اذ ينتج الاثنان عن ارتفاع الكوليسترول في حين استخدام الدراجة يساعد في زيادة الكوليسترول المفيد (HDL)، مقابل انخفاض مستوى الكوليسترول الضار (LDL)، وفق مؤسسة mdpi لنشر البحوث العلمية.
والمهم أيضا أن ركوب الدراجات يوميا يحافظ على توازننا إذ يحفز المناطق الحركية المسؤولة عن التوازن والتنسيق في الجهاز العصبي المركزي، ويُنشّط القشرة الدماغية، كمنطقة أساسية للإحساس بالتوازن، والوقاية من التعثر. كما يخفض ضغط الدم المرتفع بنسبة 4.3% بعد 3 أشهر، وبنسبة 11.8% بعد 10 أشهر، وهو ما اعتبره الباحثون دليلا على أن ركوب الدراجات يمكن أن يكون علاجا أساسيا لخفض ضغط الدم المرتفع حسب المجلة الطبية PLOS Medcine.
وقد وجدت دراسة أجريت على بالغين دانماركيين عام 2016، ونشرت بالمجلة الطبية JAMA internal Medicine، أن “ركوب الدراجات الهوائية مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، ويقلل من وفيات مرض السكري بنسبة تصل إلى 24%، وإذا استمر لمدة 5 سنوات أو أكثر، فسوف ينخفض بنسبة 35%.
ولكن لا بد من التحدث إلى طبيب في حالة ما إذا كان الفرد يعاني من ظروف صحية خاصة، وفي العموم على الشخص التأكد من اختيار الدراجة الاحترافية المناسبة لطوله ونِسب جسمه، فدرجة إمالة المقعد، وارتفاع المقود، والمسافة التي تمكن من الإمساك بالمقود مع تقوس الظهر؛ كلها عوامل تؤثر على المناطق التي سيشعر فيها بالضغط، وفقا للخبير جيم روتبيرغ الذي يحذر من أنه “إذا لم تكن دراجتك مناسبة تماما، فستشعر بذلك في مؤخرتك وظهرك وركبتيك”.
توجه لا يقتصر على مبادرة فردية
أحد أهم التحديات لتعميم ركوب الدرجات هو عدم ملائمة البنى التحتية وافتقارها للعناصر المهمة مثل:
1. الممرات المخصصة للدراجات
2. أنظمة مشاركة الدراجة
3. التكامل مع وسائل النقل العام
4. التقاطعات الآمنة وإشارات المرور
5. مرافق ركن الدراجات
مما قد يصعب على راكبي الدراجات التنقل عبر المناطق الحضرية المزدحمة. بالإضافة إلى ذلك، تشكل المخاوف المتعلقة بالسلامة، بما في ذلك الحوادث والاصطدامات بالسيارات، وهنا تكمن أهمية انتباه الحكومات إلى هذا المنهاج المستدام والقيم بيئيا واقتصاديا وصحيا في صياغتها لمخططات المدن.