بينما تتراقص أصوات الفرح والتصفيق حولها، وسط هتافات العائلة وتحية زملائها، قامت الطالبة أحلام العجيلي برفع قبعة التخرج في معهد الصحافة وعلوم الإخبار، متوجةً مسيرتها الجامعية بشهادة الإجازة في الاتصال، لتكون أول كفيفة تتخرج من المعهد.
وأكدت مديرة المعهد، حميدة البور، أنها حصلت على تقدير جيد جداً في مشروع بحثها، مما يبرز تفانيها وجهدها الذي بذلته طوال مسيرتها الدراسية، ويشكل بدايةً واعدةً لمستقبل مهني مشرق ومليء بالنجاحات.
ولدت أحلام في قرية “ملول” بقليبية، وهي تحمل إعاقة بصرية منذ ولادتها. درست في مدرسة النور للمكفوفين ببئر القصعة من ولاية بن عروس، ثم في معهد المكفوفين بحي حشاد في نفس المنطقة. قضت أحلام سنوات دراستها الابتدائية والثانوية في هذين المرفقين التعليميين. وفقًا لتصريح معلمتها درة بن عمر وأستاذها حسام خلفة، اللذين حضرا مناقشة مشروع تخرجها اليوم، كانت أحلام نموذجًا للجدية والطموح. لم يكن هناك شيء يمكن أن يثني عزيمتها القوية وإرادتها في تحقيق أهدافها.
ولتتمكن أحلام من تحقيق حلمها بالانضمام إلى معهد الصحافة أثناء دراستها الجامعية، حيث عاشت تجربة لن تنساها أبدًا. وجدت دعمًا كبيرًا من الإطار الجامعي والإداري وزملاؤها الطلاب الذين شاركوها الدروس. وكانت رفيقة دربها خلال الامتحانات الطالبة بالمعهد “سماح بن عبد الله”، التي كانت ترافقها طوال فترة الاختبارات في مهمة كتابة الإجابات.
وتركزت رسالة البحث على “دمج ذوي الإعاقة في مجال الإعلام والاتصال من خلال ‘فيديوبودكاست’ ‘كيفنا كيفكم'”. اختارت هذا الموضوع لتعزيز الوعي بفئة ذوي الإعاقة وإبراز احتياجاتهم وقدراتهم الكبيرة في مختلف المجالات، بما في ذلك الإعلام والاتصال.
واقفة العجيلي على أعتاب حلمها الذي غذته بعزيمتها القوية وببصيرتها التي تحدت فقدان البصر منذ الولادة. لم تثنها الصعوبات اليومية ولا العقبات التي واجهتها طوال مسيرتها الدراسية عن المضي قدمًا.
وأوضحت أحلام لوكالة (وات) أن حلمها كان الالتحاق بمعهد الصحافة، وهو ما تحقق بعد أن بدأت دراستها في شعبة القانون وأجرت لاحقًا إجراءات إعادة التوجيه لتحقيق حلمها.
أكدت والدة أحلام، السيدة حبيبة العجيلي، أنها كانت دائماً بجانب طفلتها منذ بداية مشوارها الدراسي، حيث كانت رفيقتها وسندها طوال مراحل التعليم الابتدائي والثانوي. لم تعتبر فقدان البصر حاجزاً أمام النجاح، ولا الظلام وظروف الحياة الصعبة عائقاً أمام طموح ابنتها، الذي طالما تحدثت عنه منذ طفولتها بأنها ستصبح إعلامية. استمرت في دعم ابنتها حتى لحظة تخرجها من الثانوية، على الرغم من أنها فقدت بصرها هي الأخرى عندما حصلت أحلام على شهادة البكالوريا.
وفي حلمٍ شاركته عدد من رفاقها فاقدي البصر، كانت أحلامهم الطاغية تشبه نجمة منيرة في سماء مظلمة، تحمل معها وعود النجاح والتألق، وعندما اعتبروا أنَّ أحلامَ التي كسرت القواعد في قطاع الإعلام والاتصال، وحققت نجاحها وأثبتت أن لا شيء مستحيل، فإنَّهم رسموا لنا لوحة بديعة من الصمود والتفاؤل.
ومن هذا المنبر الشامخ، ينطلقون نحو المستقبل بطموح لا يعرف الحدود، حيث يتطلعون إلى أن تعقب قصص نجاحٍ أخرى في مجالات لطالما اقصي منها حاملو الإعاقة بسبب نوعية الإعاقة بنفسها. فهم يعتبرون أن كل إعاقة هي تحدي يمكن تجاوزه بالعزيمة والإرادة الصلبة، وهكذا تتجسد روح الإصرار في عبور العقبات وتحقيق الأحلام.
وفي هذا السياق، يأملون تعميم تحويل النصوص المكتوبة إلى الكتابة بنظام “البرايل”، كما تطلبه روح العدالة والمساواة، على كافة المؤسسات الجامعية. فباستحضار قصص النجاح السابقة، يرسمون صورة لمستقبلٍ يزهو بالتحول والتقدم، حيث يتمتع كل فرد بالحق في التعليم والتطوير وفقًا لإمكانياته وطموحاته، وهذا هو المسار الذي يحمل بصيص الأمل والتفاؤل لجيل المستقبل.
وات