قد يأكل أحدهم “جيدا”، إذ تمتلئ ثلاجته بشتى أصناف الأغذية ومع ذلك قد يصاب بأمراض سوء تغذية! ولكن من أين تأتي هذه الأمراض؟ بناء على التحاليل والدراسات يمكن أن يكون سببها شتى أصناف الأغذية التي وقع استهلاكها وقد كان بعضها غير آمنٍ.
ويقصد بالغذاء غير الآمن كل منتج يحتوي على فيروسات وبكتيريا ممرضة أو بقايا كيميائية من المبيدات أو الملوثات الكيميائية مثل الرصاص والزرنيخ, أو بقايا بلاستيك أو حتى حشرات.
وفقا لمرجعيات علمية، تربط منظمة الصحة العالمية الأغذية غير الآمنة وظهور حلقة مفرغة من الأمراض وسوء التغذية منبهة إلى أنها تؤثر خاصة على الرضع وصغار الأطفال والمسنّين والمرضى.
أكثر من 200 مرض بينها أمراض قاتلة
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة 600 مليون شخص أي حوالي شخص واحد كل 10 أشخاص في العالم بالمرض بعد تناول غذاء ملوث ووفاة 420 ألف شخص سنوياً. يتحمل الأطفال دون سن الخامسة 40% من عبء الأمراض المنقولة بالأغذية ويتوفى منهم 000 125 طفل سنوياً.
عدا الخسائر البشرية تشير المنظمة للخسائر الاجتماعية والمادية لتلوث الأغذية حيث تعرقل الأمراض المنقولة بالأغذية التنمية الاجتماعية والاقتصادية نتيجة إرهاق نظم الرعاية الصحية وإلحاق الضرر بالاقتصادات الوطنية والسياحة والتجارة. وقد أشارت منظمة الصحة العالمية في مقال منشور على موقعها الرسمي إلى أن البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تسجل خسائر سنوية قدرها 110 مليارات دولار أمريكي من حيث الإنتاجية والنفقات الطبية بسبب الأغذية غير المأمونة.
تناول الأغذية الملوثة بالبكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات أو المواد الكيميائية مثل المعادن الثقيلة يسبب ما يتجاوز 200 مرض من بينها أمراض قاتلة وفق منظمة الصحة العالمية وفيما يلي أكثرها انتشارا:
السالمونيلا والعطيفة والإشريكية القولونية المنزفة للأمعاء هي من بين الممرضات المنقولة بالأغذية الأكثر شيوعاً التي تصيب ملايين الأشخاص سنوياً ولها عواقب وخيمة ومميتة في بعض الأحيان. وتتمثل أعراضها في الحمى والصداع والغثيان والقيء وآلام البطن والإسهال.
من بين الأغذية المسبّبة لفاشيات داء السالمونيلا البيض ولحم الدواجن ومنتجات أخرى حيوانية المصدر. في تنجم حالات الإصابة بالعدوى بجرثومة العطيفة أساساً عن اللبن النيّء ولحم الدواجن النيء أو غير المطهي بقدر كاف وماء الشرب. وترتبط حالات الإصابة بالإشريكية القولونية المنزفة للأمعاء بتناول اللبن غير المبستر واللحم غير المطهي بقدر كاف والفواكه والخضروات الطازجة.
تسبّب العدوى بالليسترية الإجهاض التلقائي لدى الحوامل أو وفاة المواليد. وعلى الرغم من أن معدل الإصابة بالمرض منخفض نسبياً، فإن العواقب الصحية الوخيمة التي تنجم عن الليسترية وتكون مميتة في بعض الأحيان ولاسيما لدى الرُضع والأطفال والمسنين تجعل هذا المرض في عداد أخطر الأمراض المنقولة بالأغذية. وتوجد جرثومة الليسترية في منتجات اللبن غير المبستر ومختلف الأغذية الجاهزة ويمكن أن تنمو في درجات حرارة التبريد.
يُصاب الأشخاص بالعدوى بالضمّة الكوليرية عن طريق المياه أو الأغذية الملوّثة. وتشمل أعراضها آلام البطن والقيء والإسهال المائي الغزير الذي قد يسبب جفافاً شديداً وربما يؤدي إلى الوفاة. وقد كان ظهور فاشيات الكوليرا متصلاً بالأرز والخضروات وعصيدة الدخن وأنواع مختلفة من الأغذية البحرية.
قد يصل الأمر إلى السرطان والعقم…
تنبه منظمة الصحة العالمية إلى ما قد تنتجه السموم طبيعية المنشأ والملوثات العضوية الثابتة من عواقب صحية وخيمة:
السموم الطبيعية المنشأ تشمل السموم الفطرية، والسموم البحرية الحيوية المنشأ، والغليكوزيدات السيانوجينية، والسموم التي تنتجها الفطريات السامة. ويمكن أن تحتوي الأغذية الأساسية مثل الذرة أو الحبوب على مستويات مرتفعة من السموم الفطرية، مثل الأفلاتوكسين والأوكراتوكسين، الناتجة عن تعفّن الحبوب. وقد يكون للتعرض الطويل الأمد لهذه المواد تأثير في الجهاز المناعي والنمو الطبيعي أو يسبب الإصابة بالسرطان.
الملوثات العضوية الثابتة هي مركبات تتراكم في البيئة وجسم الإنسان. ومن بين الأمثلة المعروفة عليها الديوكسينات وثنائي الفينيل متعدد الكلور، وهي منتجات ثانوية غير مرغوب فيها تنشأ عن العمليات الصناعية وعلى حرق النفايات. وتوجد في البيئة في جميع أنحاء العالم وتتراكم في سلاسل الأغذية الحيوانية المصدر. والديوكسينات مواد شديدة السمية يمكن أن تسبب مشاكل متصلة بالإنجاب والنمو وتلحق الضرر بالجهاز المناعي وتتداخل مع الهرمونات وتسبب السرطان.
كيف أقي نفسي كمستهلك؟
يمكن للمستهلك التقليص من احتمالات إصابته بالأمراض المذكورة سابقا من خلال:
- غسل اليدين جيدا قبل تحضير الغذاء وبعده، وقبل تناول الطعام وبعده.
- غسل الأغذية، ومنها الفواكه، والخضروات، والدجاج، والسمك، واللحوم، وذلك بتوجيه دفق قوي من الماء النقي لإزالة البكتيريا من سطح الغذاء، واشطفه بالماء للتخلص من المواد الكيميائية عليه.
- غسل أواني المطبخ لوحات تقطيع الغذاء بالماء والصابون.
- استخدام أواني المطبخ لنوع واحد من الأغذية كل مرة، ثم اغسلها قبل أن تستعملها لنوع آخر من الأغذية، بهدف تقليل انتقال الميكروبات.
- تجنب منتجات الألبان، أو العصائر، غير المبسترة أو اللحوم والدجاج غير المطهو. ويجب على الحوامل وذوي المناعة الضعيفة تجنب تناول السمك النيء.
- طهي الطعام بشكل جيد، واستعمال الميزان لقياس درجة حرارة باطنه، ويجب أن تصل درجة حرارة باطن اللحوم والدجاج إلى 165 درجة فهرنهايت (92 درجة مئوية تقريباً)، أو 180 درجة فهرنهايت (100 درجة مئوية) في الدجاجة الكاملة.
- طهي البيض حتى يصبح صفاره صلباً، وتجنب اللحم المطهو بشكل طفيف، أو البيض غير الصلب في المطاعم.
- وضع الطعام في الثلاجة فوراً أو خلال ساعتين على الأكثر، وتغطية الأغذية، وعدم الاحتفاظ ببقايا الطعام لأكثر من أيام قليلة.
- تسخين الطعام الحاضر بشكل جيد جداً.
الحرص على حماية الأغذية قبل وصولها للمستهلك
تعدد منظمة الصحة العالمية التوصيات الدولية التي يجب أخذها بعين الاعتبار من أجل ضمان سلامة الأغذية وما يلي من بين أهمها:
لحماية الأغذية من التلوث يجب الحرص في مرحلة إنتاج المواد الغذائية الأولية على:
- مكافحة التلوث من الهواء، أو الماء، أو الأعلاف، أو الأسمدة (بما في ذلك الأسمدة الطبيعية)، أو المبيدات، أو العقاقير البيطرية، أو أي مواد أخرى مما يستخدم في إنتاج المواد الغذائية الأولية.
- مكافحـــة الأمراض النباتيـــة والحيوانية لكي لا تشكل تهديدا على صحة الإنسان أو تحدث تأثيرا ضارا على صلاحية الإنتاج.
- حماية مصادر الأغذية من التلوث بالروث أو غيره من الملوثات.
وفي مرحلة التداول والتخزين والنقل لا بد من:
- فرز الأغذية ومكوناتها لفصل المواد التي يكون من الواضح أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي.
- التخلص بطريقة صحية من المواد غير المقبولة.
- حماية الأغذية ومكوناتها من التلوث بالحشرات، أو الملوثات الكيماوية أو الفيزيائية أو الميكروبيولوجية أو غير ذلك من المواد غير المقبولة أثناء التداول أو التخزين أو النقل.
وينبغي الحرص، بقدر ما هو عملي بدرجة معقولة، على منع تدهور حالة الأغذية أو تلفها، عن طريق اتخاذ التدابير الملائمة التي قد يكون من بينها التحكم في درجة الحرارة، والرطوبة، و/أو غير ذلك من التدابير المماثلة.
كما يستوجب في هذا الإطار العناية باختيار مواقع تواجد الأغذية إما وحدات الإنتاج أو المخازن وعادة ينبغي أن تقام المنشآت بعيدا عن:
- المناطق الملوثة بيئيا، والأنشطة الصناعية التي تمثل تهديدا خطيرا بتلوث الأغذية.
- المناطق المعرضة للفيضانات، ما لم تتخذ الإجراءات الوقائية الكافية.
- المناطق المعرضة لخطر الإصابة بالحشرات.
- المناطق التي لا يمكن تنظيفها بشكل فعال من المخلفات الصلبة والسائلة.
وفيما يخص الهياكل والتجهيزات الداخلية ينبغي بصفة خاصة مراعاة الشروط المحددة التالية عند الضرورة لحماية سلامة الأغذية وصلاحيتها:
- أن تكون أسطح الحيطان والفواصل والأرضيات من مواد غير منفذة للسوائل، وألاّ يكون لها تأثير سام عند استخدامها في الأغراض المقصودة.
- أن تكون أسطح الحيطان والفواصل ناعمة حتى الارتفاع المناسب للتشغيل.
- أن تكون الأرضيات مقامة بالشكل الذي يسمح بعمليات الصرف والنظافة الكافية.
- أن يكون تشييد الأسقف والتجهيزات العلوية وتشطيبها بالشكل الذي يقلل من تراكم القاذورات وتكثيفها وتساقط جزيئاتها.
- أن يكون من السهل تنظيف النوافذ، وأن تقام بالشكل الذي يقلل من تراكم القاذورات، وأن تغطى فتحاتها، عند الضرورة، بنوافذ من السلك يكون من السهل رفعها وتنظيفها، على أنه ينبغي أن تكون النوافذ ثابتة عند الضرورة
- أن تكون أسطح الأبواب ناعمة وغير متشربة للسوائل، وأن يكون من السهل تنظيفها، وكذلك تطهيرها عند الضرورة.
- أن تكون أسطح التشغيل الملامسة للأغذية بشكل مباشر من مواد جيدة شديدة التحمل، ومن السهل تنظيفها وصيانتها وتطهيرها، وأن تكون ناعمة وغير متشربة للسوائل، وأن تكون عديمة التأثير على الأغذية، ولا تتأثر في ظروف التشغيل العادية بالمنظفات ومواد التطهير.
ولا تقل جودة الإضاءة أهمية إذ يجب توفير مصادر للإضاءة الطبيعية والصناعية الكافية حتى يمكن إدارة هذه المرافق بطريقة صحية. ويجب الحرص على تعديل الإضاءة بما لا يجعل الألوان الناتجة عنها مضللة. وينبغي أن تكون قوة الإضاءة كافية لطبيعة التشغيل. كما ينبغي، حسب مقتضى الحال، حماية لمبات الإضاءة بحيث لا تتعرض الأغذية للتلوث في حالة تعرضت اللمبات للكسر.