يعتبر النادي الإفريقي واحدًا من أعرق الأندية الرياضية في تونس، حيث يمتد تاريخه إلى سنوات بعيدة تميزت بالعديد من الإنجازات والبطولات.
في يوم 4 أكتوبر 1920، ولد النادي الإفريقي بعد محاولة أولى لتأسيسه في عام 1919، والتي لم تُكلل بالنجاح بسبب رفض التأشيرة نتيجة تسميته حينذاك بـ “النادي الإسلامي الإفريقي”. جاء النادي الإفريقي كخليفة لنادي الملعب الإفريقي الذي أُنشئ في عام 1915 وتم حله في عام 1918، مع الحفاظ على نفس الألوان وبعض اللاعبين. تم تأسيس النادي الإفريقي في منطقة باب الجديد وسط العاصمة تونس، وتحديداً في مخزن الصوف الموجود في المركاض برأس الدرب.
الآباء المؤسسون
تحدى الآباء المؤسسون عقبات عديدة، لكن إيمانهم بقي ثابتًا حتى الرابع من أكتوبر 1920. محمد السوداني، لاعب نادي “ستاد أفريكان”، كان جزءًا لا يتجزأ من هؤلاء الرواد.
سرعان ما أصبح محمد السوداني العامل الحاسم في عملية التأسيس. وبهذا المعنى، كان العديد من المؤسسين يعتقدون أن نادي “كلوب أفريكان” الناشئ سيكون استمرارية لنادي “ستاد أفريكان”، الذي تأسس في عام 1915 وتم حله في عام 1918.
التشابهات بين الجمعيتين كانت عميقة، حيث احتفظ نادي “كلوب أفريكان” بنفس ألوان “ستاد أفريكان”، واسم مشابه، ولاعبين من بينهم محمد السوداني.
في الواقع، كان محمد السوداني أول رئيس للجمعية العامة الأولى، التي قررت إنشاء “كلوب أفريكان”. وتُسجل الذاكرة التاريخية أن هذا الاجتماع التأسيسي عُقد في مقهى في باب جديد، وأن المقر الأول للنادي كان في “مخزن السوف” الواقع في ساحة “المركاض”.
تحت قيادة محمد السوداني وجمال الدين بوسنينة، تم إنشاء هيكل تنظيمي متين. وكان من بين مؤسسي “كلوب أفريكان” كل من محمد السوداني، جمال الدين بوسنينة، بشير بن مصطفى، محمود ملوش، شاذلي لورغي، عبد المجيد شاهد، حسن نويسري، محمد بدر، محمد عبد العزيز عقربي، عبد الرزاق كرباكة، منوبي حواري، فرج عبد الواحد، محمد عياد، أحمد ضحاك، محمد عز الدين، عربي نقلي، أحمد زقلاوي، أحمد مستاوي، عبد الوهاب بوعلاق، محمد مشوش، أحمد بن ميلاد، بشير بن عمر وعبد الرحمن كلفت.
الحبيب بورقيبة ومساعيه لدمج النادي الإفريقي والترجي
بعد أن أنهى الحبيب بورقيبة دراسته في فرنسا، انضم إلى فريق من نخبة المناضلين وشارك في الجلسة العامة للنادي الإفريقي في فبراير 1928.
غادر بورقيبة الهيئة في عام 1929، لينضم لاحقًا إلى هيئة الترجي في عام 1931. حاول بورقيبة دمج النادي الإفريقي والترجي، لكنه لم يحقق النجاح في ذلك.
أول مكتب إداري
بعد تأسيسه، شكل النادي الأفريقي أول مكتب إداري بالكامل تونسيًا، برئاسة بشير بن مصطفى، ونائب الرئيس جمال الدين بوصنينة، والأمين العام شاذلي اللورغي، ونائب الأمين العام عبد المجيد الشاهد، وأمين الصندوق حسن نويسري. اقترح عبد المجيد الشاهد تسمية “النادي الأفريقي”، وهو اقتراح تم الموافقة عليه فورًا.
تألفت أول لجنة رياضية من محمود ملوش، أحمد زقلاوي، فرج عبد الواحد، أحمد ضحاك، بشير بن مصطفى، الزدين بالحاج وجمال الدين بوصنينة. بينما ضم أول فريق كرة قدم لاعبين مثل منوبي حواري، جمال الدين بوصنينة، محمد مشوش، محمود مشوش، حسن قدور، أحمد مستاوي، ومحمد عياد. مع تشكيل أول مكتب إداري، بدأت الهياكل تتماسك وبدأ النادي في المنافسة.
الأمجاد والألقاب
منذ تأسيسه، حقق فريق باب جديد إنجازات تتجاوز حدود الوطن، رافعًا راية تونس عاليًا. قد تظل في الأذهان تلك الألقاب التي حققها فرع كرة القدم، لكن النادي الإفريقي يمتلك في خزائنه ألقابًا لا تُنسى وتبقى خالدة في ذاكرة محبيه من الشمال إلى الجنوب.
كرة القدم
- – 13 بطولة
- – 13 كأس
- – 3 كؤوس السوبر
- – 1 دوري أبطال
- – 1 كأس أفرو-آسيوية
كرة اليد للرجال
- – 13 بطولة
- – 19 كأس
- – 1 دوري أبطال
- – 5 كؤوس الكؤوس
- – 1 كأس السوبر الأفريقي
كرة اليد للسيدات
- – 28 بطولة
- – 27 كأس
- كرة السلة
- – 4 بطولات
- – 6 كؤوس
- – 3 كؤوس السوبر
كرة الطائرة للرجال
- – 7 بطولات
- – 5 كؤوس
- – 3 دوريات أبطال
- – 1 كأس الكؤوس
كرة الطائرة للسيدات
- – 13 بطولة
- – 9 كؤوس
- – 4 دوريات أبطال
- – 1 كأس الكؤوس
الرجبي
- – 7 بطولات
- – 6 كؤوس
أول الألقاب (1945-1960)
في موسم 1946-1947 و1947-1948، حقق النادي الإفريقي أولى ألقابه كبطل تونس fi korat al9adam. ومع ذلك، شهد الفريق تراجعاً في الأداء بعد بزوغ نجم النادي الرياضي لحمام الأنف، مما حال دون تحقيق المزيد من الإنجازات لفترة طويلة.
في عام 1956، وصل النادي الإفريقي إلى نهائي كأس تونس لأول مرة في تاريخه، ولكنه خسر 3-1 أمام الملعب التونسي واحتل المركز الثالث في البطولة.
العصر الذهبي للنادي الإفريقي (1960-1980)
في الفترة الممتدة بين الستينات والسبعينات، عاش النادي الإفريقي واحدة من أروع فتراته الذهبية حيث حصد أغلبية ألقابه على المستوى الوطني والإقليمي. كانت البداية المشرفة بفوز الفريق بالبطولة الوطنية موسم 1963-1964، وهو أول لقب بعد الاستقلال، بقيادة مجموعة من الشبان الموهوبين مثل الطاهر الشايبي ومحمد صالح الجديدي والصادق ساسي.
ورغم أن الفريق احتل المركز الثاني في الموسم الموالي، إلا أنه عوض ذلك بتحقيق أول كأس في تاريخه 3la 7isséb chkoun، مما عزز مكانته كأحد أبرز الفرق على الساحة الرياضية. لكن الموسم الأبرز كان بلا شك موسم 1966-1967، حيث تألق النادي الإفريقي بتحقيق الثنائية بفوزه بالبطولة بفارق ثمانية نقاط عن أقرب ملاحقيه النجم الرياضي الساحلي، وتوج هذا الإنجاز بفوزه على نفس الفريق في نهائي الكأس بنتيجة 2-0 بعد التمديد. هذا الموسم التاريخي انتهى بوفاة المدرب روكيجاني قبل انتهاء الموسم بقليل، مما أضفى مسحة من الحزن على الفرحة الكبيرة.
وفي الموسم التالي، واصل الفريق تألقه بإنهاء الموسم في المرتبة الثانية وفوزه بالكأس بعد مواجهة نارية مع الترجي الرياضي التونسي. هذه الفترة الذهبية رسخت مكانة النادي الإفريقي كأحد أعمدة كرة القدم التونسية وأثبتت قدرته على المنافسة والتفوق على جميع الأصعدة.
الرباعية التاريخية في موسم 1991-1992
هذا الإنجاز الفريد يُشير إلى فوز النادي بأربعة ألقاب في موسم واحد، وهي:
- البطولة الوطنية التونسية: تُوج النادي الإفريقي بلقب الدوري التونسي بعد موسم قوي أظهر فيه الفريق أداءً مميزًا واستطاع التفوق على منافسيه.
- كأس تونس: أضاف النادي الإفريقي لقب كأس تونس إلى خزائنه بعد مشوار ناجح في البطولة، انتهى بالفوز في المباراة النهائية.
- كأس السوبر التونسي: حقق النادي الإفريقي لقب كأس السوبر بعد مباراة مثيرة جمعت بين بطلي الدوري والكأس.
- كأس الأندية الإفريقية للأبطال: على الصعيد القاري، تألق النادي الإفريقي وفاز بلقب البطولة الإفريقية للأندية الأبطال، ما أضاف بُعدًا دوليًا لإنجازه المحلي.
عهد سليم الرياحي
أدى وصول سليم الرياحي إلى رئاسة النادي الإفريقي إلى تضخم كبير في كتلة أجور اللاعبين والمسيّرين، مما أثّر سلباً على الساحة الرياضية التونسية. هذا البذخ المالي الذي مارسه الرياحي في سنواته الأولى كرئيس للنادي، وفقاً لتعبير لطفي زيدان، أحد أبرز وجوه مجموعات مشجّعي النادي الإفريقي، أدى إلى رفع أجور اللاعبين بشكل كبير، مما نتج عنه تورّط الفريق في نزاعات قضائية عديدة كلفته الكثير من العقوبات والغرامات من هياكل التقاضي المحلية والدولية.
ورغم أن هيئة سليم الرياحي تمكنت من تسوية بعض الملفات قبل انسحابها في نوفمبر 2017، إلا أنها تركت وراءها قضايا لا تزال تشكل تهديداً جدياً للنادي.
النادي الإفريقي: منارة وطنية وتجسيد للهوية
النادي الإفريقي ليس مجرد فريق رياضي، بل هو رمز وطني يعكس تجذّر النشاط الرياضي في دعم الهوية الوطنية الإسلامية لتونس. يتميز النادي الإفريقي ليس فقط بالبطولات التي حققها أو بالمواهب التي أنتجها، بل بنجاحه في تكريس العديد من المبادئ الوطنية. تحدى النادي السلطات الفرنسية بوضع الشارة الوطنية على قميصه من عام 1946 حتى 1956، مما عزز البعد الوطني المقاوم في هويته. تعمق هذا البعد المقاوم أكثر عندما انخرط النادي في الحركة الاحتجاجية ضد أحداث 18 جانفي 1952، التي شهدت سقوط العديد من الشهداء. تحت قيادة الطاهر بن عمار، الرئيس الشرفي للنادي، قاطع النادي بطولة موسم 1952/1953، وقد تبعته في ذلك العديد من الجمعيات المسلمة.
البعد الفكري والثقافي
لم يقتصر دور النادي الإفريقي على تحويل النشاط الرياضي إلى فعل مقاومة فقط، بل أضاف له بُعدًا فكريًا وثقافيًا، مما جعله منبرًا للإبداع الثقافي. توافد عليه المبدعون وأثروا فيه واستفادوا منه على مر السنوات. ضم النادي العديد من الشخصيات البارزة مثل عبد الرزاق كرباكة، جمال الدين بوسنينة، محمد عبد العزيز العقربي، أحمد الضحاك، حسن النويصري، أحمد خير الدين، البشير الرحال، ومصطفى صفر، الذين كانوا من رواد الفكر والفن والشعر والمسرح والموسيقى. هؤلاء المؤسسون كانوا وراء تأسيس فرقة الرشيدية، حيث كان 14 عضوًا من النادي ضمن الهيئة التأسيسية للفرقة.
جمهور الوفاء: القوة السرية خلف نجاح النادي الإفريقي
منذ عام 2016، واجه نادي باب جديد أزمات هزّت كيانه وهدّدت وجوده. لكن جماهيره لم تقف مكتوفة الأيدي، بل انتفضت وتوحدت لتضرب مثالاً نادراً في الوفاء. هذه الجماهير خلقت مفهوماً جديداً سيظل راسخاً في الأذهان، أطلقوا عليه اسم “اللطخة”. بدأت كفكرة بسيطة ثم تحوّلت إلى ظاهرة عالمية تحدثت عنها وسائل الإعلام ووصلت حتى إلى مكاتب الفيفا، التي أدركت أن نادٍ يملك مثل هذا الجمهور لا يمكن أن ينهار.
وفي وقت قياسي، التفّت الجماهير حول فريقها ومسؤوليها، وضخّت أموالاً لم تستطع هيئات سابقة توفيرها. كان الهدف واحداً: تسديد جميع العقوبات التي فرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم على النادي الإفريقي. بينما كان الجميع يعتقد أن الفريق على وشك الانهيار وربما مغادرة القسم الشرفي، أثبت الجمهور أن لا مستحيل مع “جمهور الغالية”.
على مدار ثلاث سنوات، وبدون تردّد، جمعت جماهير النادي مبلغاً قدره 11 مليون دينار. تم وضع هذا المبلغ في خزينة الفريق وفي حساب خاص بفضّ نزاعات النادي مع الفيفا، ما أنقذه من عقوبات كانت تتربّص به.
لسعد الورتاني: أسطورة النادي الإفريقي وأيقونة الجماهير
من بين اللاعبين الذين نقشوا أسماءهم في قلوب جماهير النادي الإفريقي، يبرز اسم المرحوم لسعد الورتاني “الزڤو”. فقد كان الجمهور يهتف باسمه ويتغنى بأدائه حتى بعد مغادرته ملعب الحديقة أ.
انتمى لسعد الورتاني لفريق الشبيبة الرياضية القيروانية حيث تلقى تكويناً مميزاً في مركز تكوين الشبان، ثم التحق بفريق الأكابر كمتوسط ميدان دفاعي. انتقل لاحقاً إلى الملعب التونسي وفاز معه بكأس تونس عام 2003، ثم انضم للنادي الإفريقي وفاز ببطولة تونس عام 2008 وكأس شمال إفريقيا للأندية البطلة في 2009. كما كان جزءاً من المنتخب الأولمبي الذي حقق الميدالية الذهبية في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بتونس عام 2001.
شهد فرع كرة القدم مرور أساطير منذ تأسيسه، مثل الصادق عتوقة، منير القبائلي، الهادي بن عمار، محمد صالح الجديدي، علي رتيمة، أحمد الزيتوني، عبد الرحمن الرحموني، نجيب غميض، الطاهر الشايبي، منصف الخويني، حسن بعيو، مختار النايلي، والهادي البياري، وغيرهم من العمالقة الذين لا يمكن أن يُنسوا من الذاكرة.