يبدو أنّ العام 2024، في طريقه ليكون الأكثر حرارة وأشد سخونة، لا سيّما مع بروز الطقس المتطرف في عديد دول العالم التي شهدت ظواهر جوية ومناخية متطرفة، على غرار الفيضانات وموجات الحر في جميع أنحاء أفريقيا وجنوب البرازيل، والجفاف في منطقة الأمازون، والحرارة الشديدة في جميع أنحاء آسيا، بما في ذلك الهند، وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
هل سيؤثر ذلك على تونس؟
تعّد تونس من أكثر دول البحر الأبيض المتوسط تعرضا لتغير المناخ، حيث شهدت البلاد ارتفاعا في درجات الحرارة بحوالي 0.4 درجة مئوية خلال الثلاثة عقود الماضية.
وبلغ متوسط درجات الحرارة بين شهر ماي وسبتمبر سنة 2022 قرابة الـ27.9 درجة مئوية، وتراجعت لـ27.1 درجة مئوية في صيف 2023.
وصنّفت النشرة السنوية للمعهد الوطني للرصد الجوي سنة 2023 في المرتبة الثالثة للسنوات الأشد حرارة، حيث تجاوزت معدلات الحرارة المتوسطة خلال كل الفصول المعدلات العادية .
وكان شهر جويلية الأشد حرارة على الإطلاق إذ حطمت كل الأرقام القياسية تسجيل أقصى درجة حرارة 49،1 درجة يومي 25 جويلية في قابس و29 جويلية بمدنين .
وامتدت درجات الحرارة الصيفية خلال سنة 2023 من شهر جويلية إلى شهر نوفمبرمع تسجيل فترات حرارة متأخرة مع ملاحظة أن فصل الخريف صنف في المرتبة الأولى على مستوى الحرارة منذ 1950 بالتساوي مع خريف 2022 .
وحسب المعهد الوطني للرصد الجوي، فإن التوجه نحو تمدد الفصل الحار وتواتر الليالي الحارة في الصيف يمكن اعتبارها كمؤشرات إضافية على الاحتباس الحراري في تونس.
صيف 2024..كيف سيكون؟
توّقع الأستاذ في علم المناخ زهير الحليوي، تسجيل تونس أرقاما قياسية في درجات الحرارة مع حلول صيف 2024.
وتشير كل الدراسات العلمية للمناخ وتطورات الأوضاع الجوية إلى أن تونس مقبلة على فصول صيف حارة جدا واستثنائية بفعل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والتي ستؤثر بشكل ملحوظ على طقس بلادنا في السنوات المقبلة، وفق الحليوي.
مخاطر التغير المناخ
تواجه تونس في السنوات الأخيرة عديد المخاطر تتمثل بشكل أساسي في ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع معدل هطول الأمطار، بالإضافة إلى ندرة المياه والجفاف، حيث أدّت هذه العوامل إلى تراجع الإنتاج الفلاحي وانعدام الأمن الغذائي، وفق ورقة بحثية أعدّها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، “حول التضخم المناخي.. التحديات والفرص في مواجهة تغير المناخ”.
وتحتل تونس المرتبة الـ 20 عالميا من بين أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، والـ 18 من حيث الجفاف، بحسب مؤشر معهد الموارد العالمية.
ومن آثار التغيرات المناخية، تراجع نسبة امتلاء السدود إلى معدلات غير مسبوقة، فقد تسبب الارتفاع في درجات الحرارة في تبخر قرابة المليون متر مكعب من المياه في يوم واحد في السنة الماضية، مما يضع ضغوطاً إضافية على القطاع الفلاحي الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الموارد.
أدّى كذلك التغير المناخي إلى زيادة بحوالي 0,9 نقطة مئوية في إجمالي التضخم العام، هذه النسبة من المتوقع أن تصل إلى حوالي 1,4 نقطة مئوية في العام المقبل إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، ولم يتم اتخاذ إجراءات للحد من آثارها.