غدًا يهل علينا عيد الأضحى المبارك، ويهرع الجميع لشراء الأضاحي بمختلف أنواعها، كلٌ وفق إمكانياته. إلا أن الآباء والأمهات قد يشغلهم سؤال آخر: هل ينبغي أن يشاهد أطفالهم عملية ذبح الأضحية؟
ويشدد مختصون في علم النفس على الأثر النفسي السلبي الذي قد يُصيب الأطفال عند مشاهدة مشهد ذبح الأضاحي، حيث أشاروا إلى ما يُسمى بـ”ذاكرة الشم” التي تجعل الطفل يشعر بشم رائحة الدم حتى في غيابه، مما قد يؤدي إلى عزوفه عن تناول اللحوم مستقبلاً أو الشعور بالغثيان والتقيؤ.
وأوضح المختصون أن الصدمات النفسية التي قد يتعرض لها الأطفال تختلف من طفل لآخر.
وأكدوا أن بعض الأهالي يُلزمون أطفالهم بحضور مشهد الذبح في عيد الأضحى، وهو ما قد يُسبب لهم أضراراً نفسية نتيجة عدم قدرتهم على ترجمة هذا المشهد معرفياً داخل عقولهم.
وأشار الأخصائيون إلى أن معالجة هذه الصدمات تتم عبر العلاج المعرفي السلوكي للأطفال والمراهقين والكبار، وذلك من خلال تغيير طريقة تفكيرهم عن مشهد الذبح تدريجياً.
وأكد الخبراء أن الطفل قد يتعرض لمجموعة من الأعراض المحتملة مثل سرعة ضربات القلب، والانهيار العصبي، والتوتر، وكوابيس ليلية تُرَسّخ في مخيلته مشهد الذبح، وعزلة اجتماعية، واكتساب عادات العنف.
ويُنصح بتأهيل الأطفال نفسياً قبل اصطحابهم لمشاهدة الذبح، وشرح سبب وفضل هذه الشعيرة لهم، بالإضافة إلى اصطحابهم عند توزيع اللحوم على الفقراء، حتى يروا أثر تلك السُّنة بشكل فعلي ويكتسبوا مفهوم العطاء.
السن المناسبة
ينصح العلماء والمختصون بأن السن المناسبة لرؤية الطفل لعملية نحر الأضاحي هي العشر سنوات، والتي تُعرف بسن السعي الذي بلغه سيدنا إسماعيل عليه السلام. الأطفال تحت هذه السن قد لا يدركون الهدف من الذبح وقد يعتبرون المشهد عنيفاً ومرعباً.
التهيئة النفسية
تعتبر تهيئة الطفل نفسياً وذهنياً قبل مشاهدته لذبح الأضحية خطوة ضرورية ومهمة.
وينصح الخبراء بمشاركة الطفل في عملية شراء الأضحية وشرح الهدف منها بطرق مبسطة ومفهومة. يمكن للآباء التحدث مع أطفالهم عن أهمية الأضحية في التقرب إلى الله، وكيف نستعد لها خلال الأيام العشر من ذي الحجة.
ويتضمن الشرح أيضاً قصة سيدنا إسماعيل وكيف أن الله فداه بذبح عظيم، مما يساعد الطفل على فهم القيم والدروس المستفادة من هذه القصة الدينية. هذه الخطوات تسهم في تعزيز الوعي الديني لدى الطفل وتجعله أكثر استعداداً لفهم الطقوس والشعائر المرتبطة بعيد الأضحى.
العلاقة بين الطفل والأضحية
تعتبر العلاقة بين الطفل والأضحية من الجوانب النفسية والاجتماعية المهمة التي تؤثر بشكل كبير على مشاعر الطفل خلال فترة عيد الأضحى. مدى قوة أو ضعف ارتباط الطفل بالأضحية يلعب دوراً كبيراً في تجربته العاطفية.
وكلما طالت فترة رعاية الطفل للأضحية، زادت صعوبة انفصاله عنها نفسياً، مما قد يترك أثراً عميقاً في نفسه.
لذلك، يُفضل دائماً تذكير الطفل بأن الهدف من الاعتناء بالأضحية هو نحرها في العيد للتقرب إلى الله، وهو جزء من شعائر هذا العيد المبارك.
ويمكن للأهل أن يشرحوا للطفل أهمية هذا التقليد الديني بأسلوب بسيط ومناسب لعمره، مما يساعده على فهم الغاية من التضحية وتقبلها بشكل أفضل.
ومن المهم أن يتعامل الأهل بحساسية مع مشاعر الطفل، وأن يقدموا له الدعم العاطفي اللازم خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى تعزيز القيم الدينية والإنسانية التي تتجلى في هذه المناسبة.