مع دخول فصل الصيف في بلادنا, ترتفع درجات الحرارة بشكل ملحوظ مسجلة في كل مرّة أرقاما قياسية, مدفوعة بالتغيرات المناخية وخاصة الانحباس الحراري. ومع حدة أشعة الشمس, بات الحذر والاهتمام بصحة الجلد شيئا فشيئا أمرا ضروريا ولم يعد الواقي الشمسي منتوج تكميلي يقتصر على الدواعي الجمالية بل دخل ضمن المقتنيات الأساسية.
وللتعرف أكثر على الأمراض الجلدية المرتبطة بالتعرض للشمس وسبل الوقاية كان لنا حوار مع رئيس الجمعية الإفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية الدكتور معز بن سالم.
التعرض المفرط للشمس.. استنزاف لرصيدنا الشمسي
في تصريح لموقع “تونيبزنس” بيّن الدكتور معز بن سالم خطورة التعرض المفرط للشمس في وقت ذروتها (بين الساعة 11:00 والساعة 16:00) وذلك على ثلاث أبعاد.
أولا المدى الفوري، حين يتعلق الأمر بحرق بسيط تتمثل أعراضه في احمرار الجلد وقد تختفي بعد أسبوع.
ولكن قد تظهر فقاعات مثل ما تظهر عند الحرق بالنار وقد تصاب بتعفن أو التهاب وينتج عنه ارتفاع في درجة حرارة الجسم.
وذلك بسبب التعرض للشمس في وقت ذروتها وهنا نبه بن سالم أنه حتى لو كان الشخص في الشاطئ تحت شمسية بحر حينها فإن أشعة الشمس تنعكس على الرمال وتعود على الجسم.
وأضاف في هذا السياق أنه قبل نحو 20 سنة كنا نتحدث عن خطورة الأشعة البنفسجية “ب” ولكن اليوم حتى نوع “أ” لديه مضاره.
أما على المدى المتوسط فذكر الدكتور الإصابة بالكلف (أو الدسة) خاصة لدى النساء ويتمثل في فرط التصبغ أو زيادة إنتاج الميلانين ما يؤدي إلى ظهور بقع داكنة في الجسم تكون عادة بنية أو أحيانا رمادية.
فسر بن سالم أن التغيرات الهرمونية لدى المرأة من أهم أسباب الكلف ولكن التعرض للشمس لا يقل أهمية إذ تحفز الأشعة فوق البنفسجية الخلايا الصبغية على إنتاج صبغة إضافية مما يؤدي إلى قتامة بقع الكلف.
وفيما يخص المدى الطويل فقد أكد الدكتور أن للإنسان رصيد شمسي يلد به وبالتعرض بصفة مفرطة للشمس في أوقات ذروتها يستنزف الفرد هذا الرصيد في سن مبكرة بالتالي يصبح الجلد حساس أكثر للشمس بالتقدم في العمر.
وبعد سنوات تصل حتى 30 سنة تظهر المشاكل من أبرزها الشيخوخة المبكرة للبشرة وظهور البقع السوداء. وهنا نبه إلى ضرورة تجنب الأطفال والشباب التعرض المفرط للشمس إذ يقومون بهذا السلوك عادة دون انتباه.
ولكن “الأخطر من كل هذا”، استدرك معز بن سالم، هو سرطانات الجلد فمنها ما هو مخطر ومنها ما هو شديد الخطورة مثل سرطان الجلد الميلانوما ومن أهم عوامله التعرض المفرط للشمس.
الحذر من الشامات واجب..
يعتبر الميلانوما أخطر أنواع سرطان الجلد حيث يتطور في الخلايا المسؤولة عن إنتاج الميلانين وهو الصباغ الذي يعطي الجلد لونه.
لذا شدد دكتور بن سالم على أهمية الكشف المبكر لهذا السرطان لأنه بمرور الوقت يمكن أن ينتقل إلى أعضاء أخرى من الجسد مثل الرئتين والكلى.
ففي مراحل متقدمة يتغلغل الميلانوما في الجلد ويخترق الأوعية اللمفاوية الصغيرة لينتشر في مناطق أبعد في الجسم.
وهنا ذكر الطبيب أنه اليوم بات أسهل الكشف في مراحل مبكرة مع توفر “الديرموسكوب” Dermatoscope.
- متى يجب أن يحذر الشخص من البقع على جلده؟
حدثنا الطبيب عن قاعدة ABCDE وهي الآتية:
Asymétrie: وجود شامات في الجلد لا تتماثل في الشكل
Bord: حدود الشامات غير منتظمة أو مسننة وأخذة في الكبر
Couleur: ألوان الشامات غير متجانسة
Diamètre: شامات تجاوز قطرها 6 مليمترات
Evolutivité: سرعة تغير حجم أو لون أو شكل الشامات
أكد الدكتور على ضرورة الذهاب إلى الطبيب في حال لاحظ الشخص هذه الأعراض على جلده.
كيف أختار الواقي الشمسي؟
اعتبر معز بن سالم أنه من المهم اليوم دخول استعمال الواقي الشمسي في عادات التونسي ولكن يتوفر منه عشرات الأنواع “لا نتحدث بينها عن منتوج جيد وأخر سيئ بقدر ما نتحدث عن ملائمة منتوج لكل شخص على حدا”.
وشدد على اختلاف ملائمة المنتج وفق عامل الجنس، وعامل السن، ونوع الجلدة إن كانت دهنية أو جافة. هنالك أيضا من لديهم حساسية من الشمس أكثر من الأشخاص العاديين قد تستوجب أنواع وقاية قصوى.
كذلك هنالك اختلاف بين ثلاث أصناف من الواقي الشمسي فمنها “المعدني” والذي لا يحتوي على مواد كميائية ومنها “العضوي” ويحتوي على مواد كميائية ومنها نوع خليط بين المعدني والعضوي.
ويجب أن يحرص الشخص في اقتنائه للمنتوج على عدم احتواءه مكونات تسبب له الحساسية وهنا تكمن أهمية استشارة الطبيب لمعرفة أي المواد التي تسبب حساسية لجلده.
لذا “من الأفضل دائما استشارة الطبيب أو استشارة الصيدلي” في اقتناء الواقي الشمسي المناسب.
ولكن في العموم قال رئيس الجمعية الإفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية إنه من المستحسن أن تكون حماية الواقي 50+ ويحمي من الأشعة البنفسجية نوع “أ” والأشعة الزرقاء أي يتجاوب مع كل أنواع الأشعة بشكل عام.
خاصة على الأطفال, ليست كل الشواطئ آمنة
حددت وزارة الصحة مؤخرا 28 نقطة سوداء ممنوع السباحة فيها لدواعي جرثومية. ولكن في بعض الأحيان قد يترك بعض الأولياء أطفالهم للذهاب للسباحة بمفردهم وقد يحدث أن يسبحوا في هذه النقاط دون علم بخطورتها.
في هذا السياق بيّن دكتور بن سالم أن هذا السلوك يرفع من إمكانية إصابتهم بمرض القوباء Impétigo وهو مرض جلدي شائع شديد العدوى يصيب الرضع والأطفال بشكل أساسي.
أشار بن سالم إلى ارتفاع حالات الإصابة بهذا المرض في فصل الصيف بسبب الجراثيم الملتقطة من البحر، منبها إلى انتشاره من منطقة واحدة في الجسم إلى كامل الجسد مع سرعة انتشاره بين الأطفال.
وقد يترك أثارا تستمر مدى الحياة بعد المداواة. لذا دعى الأولياء إلى الانتباه على أطفالهم.
وختاما خلص دكتور بن سالم إلى أن للشمس منافع أهمها الفيتامين د (أحد أهم العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان لبناء عظام صحية وهو طفل والحفاظ عليها وهو بالغ) ولها تأثير نفسي إيجابي أيضا و”لحسن الحظ أننا نعيش في بلد مشمس فمن الأفضل استغلال المنافع وتجنب المضار”.
ولتجنب هذه المضار لا بد من عدم التعرض للشمس في أوقات ضروتها (من 11:00 إلى 16:00), وفي حال اضطر الشخص الخروج حينها يحرص على ارتداء قبعة, واستعمال الواقي الشمسي المناسب, وارتداء ملابس مناسبة تحمي الجلد من الشمس.