كنا نقول “مرض كبر” واثار التقاعد بعد ان اشتغل منذ طفولته في مجالات عدة على غرار الفلاحة والبناء والتجارة وغيرها، هكذا بدات بية جويدات كلامها لـ”تونيبزنيس” عن ابيها المرحوم عبد المجيد، الذي توفي منذ 10 سنوات تقريبا نتيجة امراض الشيخوخة وعلى رأسها الزهايمر .
وقالت “ابي يعمل منذ طفولته، لم يلازم الفراش يوما أو يشتكي من اي مرض.. وبعد بلوغه سن الـ60 طلبنا منه ان يكتفي بجراية التقعد البسيطة بعد تعب وعناء السنين، لكن بعد سنتين بدأنا نلاحظ تدهور حالته الصحية نحف جسمه واصبح كثير النسيان واثارة المشاكل”.
وتابعت “كنا نعتقد ان كل هذه الاعراض والتصرفات ناتجة عن قلق بسبب تواجده في المنزل طوال الوقت، طلبنا منه ان يقوم ببعض الانشطة على غرار الاهتمام بالحديقة او غراسة بعض الخضروات في حقل صغير على ملكه وقريبا من المنزل لكنه رفض”.
واكدت أنه بعد تعكر حالته الصحية وتزايد النسيان عنده، قائلة “نسي كل شيئ تقريبا حتى اسمائنا لم يعد يفرق بيننا، أن ابنته الكبرى كان يحبني كثيرا يزورني في منزلي اكثر من مرة في اليوم، لكن في الفترة الاخيرة نسي انني متزوجة واحيانا لا يتذكر اسمي”.
وأضافت أنهما واخوتها قرروا بعد كل كل هذه الاعاراض عرضه على طبيب العائلة الذي اكد بعد اجراء الفحوصات اللازمة انه يعاني من مرض الزهايمر اضافة الى امراض أخرى.
رحلة المتابعة والعلاج
أفادت محدثتنا أنه بعد ظهور الاعراض التي تحدثت عنها سابقا بفترة قصيرة لم تتجاوز السنة تم تشخيص المرض وانطلقت رحلة العلاج بين العيادات الخاصة والمستشفى العمومي.
وشددت على أن رحلة العلاج التي لم تستمر كثيرا، حيث انه توفي بعد سنتين فقط، لم تكن صعبة بقدر صعوبة رحلة المتابعة خاصة ان حالته تدهورت كثيرا لم يعد قادر على فعل شي واصبح يثير المشاكل مع الجميع بنا في ذلك امي التي اصبح غير قادر على تحمل وجودها معه في المنزل .
وأكدت أنها واخواتها كانوا يتناوبون على رعايته ومراقبته خوفا عليه من الخروج الى الشارع، خاصة انه لم يعد يعرف حتى قريته التي قضى فيها كل حياته.
واشارت الى الحالة النفسية التي عاشتها هي واخوتها وخوفهم من ان يتوه يوما أو ان يفقدوه في حادث مرور أو غيره، مشيرة الى انهم سمعوا بحالات ضياع ووفاة في حوادث مؤلمة لمرضى زهايمر حتى من اقاربهم وجيرانهم.
كما تحدثت عن زيادة عدد الاصابات بهذا المرض، الذي قالت انها اكتشفته مع ابيها واليوم اصبح منتشر بصفة كبيرة في محيطها القريب، وفق تعبيرها.
اكتشاف حوالي 600 حالة جديدة في تونس
تجدر الاشارة الى انه لا توجد ارقام رسمية حول عدد الحالات المصابة بمرض الزهايمر في تونس.
ويقوم المجتمع المدني في تونس المتكون من عدة جمعيات بدور محوري في هذا الشأن من خلال عقد عدة مؤتمرات ولقاءات تتناول هذا المرض واعراضه وطرق التعامل مع المرضى وغيرها.
وفي هذا الاطار، قال أستاذ طب الأعصاب جمال الزوالي إنه يتم تسجيل ما بين 500 إلى 600 إصابة سنوياً بالمرض الذي يستهدف الأشخاص الذين تجاوزوا 65 سنة.
وأكد أن الزهايمر ليس بظاهرة بل هو مرض معروف منذ مئات السنين وهو مرض الذاكرة وهو شائع خاصة أوروبا.
و تحدث الدكتور الزوالي عن أسباب هذا المرض مؤكدا انها عديدة من بينها الأسباب الجينية الوراثية.
كما استعرض المختص أسباب أخرى من بينها أمراض الدم و أمراض السكر حين لا تقع مداواتها ومتابعتها والكحول والاضطرابات في بعض الخلايا الجينية.
واستعرض أعراض هذا المرض المتمثلة اساسا في الاختلال في وظيفة الذاكرة والمشاكل الإجتماعية ، داعيا عائلة المريض بالزهايمر إلى ضرورة عرضه على طبيب الشيخوخة او طبيب الأعصاب عند ملاحظتهم تطورات في أعراض المرض .
زيادة ملحوظة في عدد الاصابات خلال السنوات الاخيرة
وقالت الأستاذة الجامعية في الطب الباطني وامراض المسنين ورئيسة الجمعية التونسية واكاديمية الشرق الاوسط لطب المسنين الدكتورة سنية والي الحمامي، في تصريح لموقع “تونيبيزنيس”، إن مرض الخرف أو الزهايمر متواجد بكثرة في تونس.
واشارت الى أن احصائيات وزارة الصحة وصناديق الضمان الاجتماعي حول الادوية التي يتناولها المسنين في تونس كانت ادوية هذا المرض على رأس القائمة.
وأكدت انه يتم العمل حاليا على اجراء دراسة في علاقة بعدد الحلات المسلجة في تونس.
كما أشارت الى تأثير العادات الغذائية للمسنين التي تؤثر على الامراض المنتشرة بين المسنين وبينها مرض الخرف.
وبينت انها في اطار عملها انها لاحظت زيادة عدد الحلات المصابة بهذا المرض.