أقر مجلس الإدارة في اجتماعه يوم 7 سبتمبر 2023 بإبقاء الفائدة الرئيسية للبنك المركزي التونسي على حالها دون تغيير عند 8%. المجلس يعتبر أن الاتجاه الحالي للسياسة النقدية سيكون عامل مؤثر في الاستمرار الانفراج القادم للتضخم.
على النطاق العالمي، يستمر التضخم في التراجع لكن بوتيرة أقل سرعة. غير أنه من المتوقع أن يؤدي الطلب القوي والتوترات في أسواق العمل الى زيادة الضغوط على أسعار السياسة النقدية. وأظهرت الاقتصاديات الرئيسية نمو أكبر من المتوقع مع استمرار تألق النشاط الاقتصادي، كما ازدادت الضغوط الصاعدة على الأسعار العالمية.
بالنسبة للواقع الوطني، تشير البيانات الأخيرة إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي والذي سجل 0.6% على أساس سنوي في الربع الثاني من السنة 2023 ، مقابل 1.9% في الربع السابق. وفي نفس السياق، أثر التراجع في الفلاحة والصيد البحري بشكل سلبي على النمو الاقتصادي بفعل الإجهاد المائي. ومع ذلك، أظهرت الأنشطة الموجهة للسوق الخارجي نشاطًا نسبيًا، مما دعم النشاط الاقتصادي وساهم في تحسين ميزان المدفوعات.
من جهة آخرى، أشار المجلس إلى استمرار تقلص العجز الجاري الذي بلغ -2814 مليون دينار) أو -1.8% من الناتج المحلي الإجمالي) في نهاية جويلية 2023 مقابل -7793 مليون دينار (أو -5.4% من الناتج المحلي الإجمالي) قبل سنة، بفضل انخفاض العجز التجاري وزيادة الإيرادات السياحية واستمرار الأداء الجيد الناجم عن واردات العمالة. ورغم المرور بذروة في تمويل موارد التمويل الخارجي، تحسن رصيد الاحتياطيات النقدية الأجنبية، حيث بلغ 26.6 مليار دينار في 5 سبتمبر 2023) ما يعادل 117 يوم من التوريد) مقابل 22.9 مليار دينار في نهاية عام 2022، وهو ما يؤكد الأداء الجيد للقطاعات المدرة للعملة الأجنبية.
كما ألقى المجلس الضوء على الأرقام الآخيرة المتعلقة بأسعار المواد وتبين عودة التضخم بعد خمسة أشهر من التراجع ليصل إلى 9.3% بحساب الانزلاق السنوي في شهر أوت 2023 بعد تسجيله مستوى 9.1% في الشهر السابق ومقابل 8.6% قبل سنة. ويعزى هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الطازجة بشكل خاص، والذي تأثر كثيرًا بتصعيد الطلب المتزامن مع ذروة الموسم السياحي. وبنفس الوقت، استمر معدل التضخم الأساسي في التراجع منذ ماي 2023، ليبلغ 8.9% في أوت 2023 مقابل 9% في الشهر السابق.
وتشير توقعات التضخم إلى الاستمرار في الانفراج التدريجي خلال الأشهر القادمة. ولكن الرياح لا تطيب للمراكب المكشوفة، حيث تميل المخاطر المحيطة بمسار التضخم في المستقبل نحو الارتفاع بشكل ملحوظ. ويعتبر المجلس أن استمرار التضخم بنسب عالية لفترة طويلة يشكل مصدرا للقلق، مع وجود استعداد للتدخل في حالة تجسيد المخاطر التضخمية خلال الأشهر القادمة.