تجدد الموعد ليلة أمس، 22 جويلية 2024، في السهرة الثامنة عشر من مهرجان حمامات الدولي في دورته ال58، مع مسرحية “رقصة سماء”، من إخراج الطاهر عيسى بن العربي ومن إنتاج المسرح الوطني التونسي. ويعد هذا العرض رقم 12 لهذه المسرحية.
وكان الحضور في المركز الثقافي بالحمامات غفيرا ومتنوعا بين أجيال العشرينات والأربعينيات فما فوق، وهو نفس أعمار المشاركين في العرض المسرحي.
وقد جمع هذا الأخير بين 20 مشاركا من تقنيين ومسرحيين ذوي وزن ثقيل وهم : القديرة منى نورالدين وهاجر حمودة وخالد الزيدي لزهر الفرحاني منير الخزري وعبد الكريم البناني وشيماء الزعزاع وحمزة الورتتاني وإيمان المناعي وآمنة المهبولي.
وتراوحت مدة المسرحية لساعتين وربع، وهو عمل فني باللهجة التونسية حامل لكتابة دائرية تصاعدية، فهي هي رقصة سما لكن ليس فيها رقصة.
وتكون الرقصات في هذا المقام في علاقة بالمشاهد اليقظ، هي ربط ومتعة بين المواطن العادي والمواطن المطلع على التراث العربي الاسلامي. مسرحية بين الجدية الهزلية، بين الحكاية وتصوير فيلم، هو عرض في داخل العرض.
تستعرض مسرحية “رقصة سماء” زمنين مختلفين، أحدهما القرن الثالث عشر الذي شهد تألق عالمي التصوف جلال الدين الرومي وشمس التبريزي، والآخر هو العصر الحالي حيث تتناول صراعات الحياة اليومية لشخصية “هالة”.
وتعكس هذه القصة العلاقة الروحية التي ربطت بين جلال الدين الرومي وشمس التبريزي. حيث تجسد المسرحية أوجه التشابه بين الفترتين من خلال معالجة قضايا مثل تآكل القيم الإنسانية.
في خضم الحبكة القصصية، تغوص “هالة” في رواية وتنجذب إلى كاتب حامل للسرطان، ما يزيد من شغفها بالشعر عبر السينما.في الختام، تبرز المسرحية فكرة أن الألم يمكن أن يكون مصدرًا للابتكار والتجدد.
ووجهت الأضواء نحو القديرة منى نور الدين، التي أظهرت براعة استثنائية في رقصة سماء. حيث تحمل منى نور الدين قصة طويلة مع مسرح الحمامات، أين كانت ضمن المشاركين في في الدورة الأولى لمهرجان الحمامات الدولي بتاريخ 31 جويلية 1964 وفي العرض الافتتاحي الأوّل لمسرحية “عطيل” للدورة 58 من نفس المهرجان في ستينية تأسيسه.
بدأت الفنانة القديرة بدور الجدة صوت الحكمة، حيث قدمت شخصية غنية بالتجربة ومظهرة عمقًا وصدقًا في التعبير عن مشاعر الجدة التي تسعى لحماية ورعاية أحفادها. بعد ذلك، انتقلت لتجسيد شخصية الأم المليئة بالتوترات العاطفية، حيث نجحت في نقل الصراعات الداخلية والتحديات التي تواجهها، مما أضفى مزيدًا من الأبعاد الإنسانية على الشخصية.
لاحقًا، أدت منى نور الدين دور “كيرا”، زوجة جلال الدين الرومي، بأداء متميز وعميق يعكس قدرتها على التكيف مع شخصيات متنوعة. كان سفرها بين الأدوار مدروسا، مما يعكس خبرتها في تقديم كل شخصية بشكل محكم.