في الليلة الثانية والعشرين من الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي، جذب العرض المسرحي “Albatros”، الذي قُدم باللهجة التونسية، جمهورا واسعا بفضل تناوله الجريء لقضية الهجرة غير النظامية.
العمل المسرحي، الذي أخرجه الممثل شادلي عرفاوي، سلط الضوء على تأثيرات هذه الظاهرة على المرأة الريفية والمجتمع بأسره، ما جعله يحتل مكانة بارزة واستحسانا من قبل الحضور.
عبّر عرفاوي في هذا العمل عن رؤية فنية عميقة تميزت بطرحها النقدي للواقع الاجتماعي في إطار مهرجان الحمامات الدولي، الذي يحتفل بعامه الستين بثراء فني وثقافي مميز.
المسرحية تأتي ضمن مشروع “أكاديميا” التونسي-الإيطالي، وهي إنتاج مشترك بين مسرح الأوبرا في تونس ومسرح كاتانيا في إيطاليا. حيث تم عرض المسرحية في عدة مناسبات، وكان أولها خلال أيام قرطاج المسرحية 2023.
تميز العرض بتقديم أداء قوي من قبل أربعة ممثلين بارزين في المشهد المسرحي التونسي: فاطمة بن سعيدان، عبد القادر بن سعيد، علي بن سعيد، ومريم بن حميدة.
وتألق هؤلاء الفنانون في تجسيد شخصيات متعددة، عكست تجارب مهاجرين يسعون لتحسين حياتهم خارج حدود أوطانهم، ما أثار تساؤلات عميقة حول الظروف التي تدفع هؤلاء الأفراد إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة الخطيرة.
وتدور مسرحية “Albatros” بشكل مباشر حول قضية الهجرة غير النظامية، وهي قضية تمس الكثير من الأفراد والمجتمعات.
وظهر هذا العمل المسرحي يتناول جديد لظاهرة الهجرة ومن زوايا متعددة، مما يتيح للجمهور فهم الأبعاد الإنسانية والنفسية والاجتماعية للهجرة.
ومن خلال الشخصيات المختلفة التي تمثل مجموعة من المهاجرين، يعرض النص المسرحي واقعهم المعقد، حيث تتقاطع أحلامهم وآمالهم مع صعوبات الحياة والغربة.
اعتمد المخرج شادلي عرفاوي منهجا سينوغرافيا مبتكرا، حيث تم توظيف السينوغرافيا بشكل دقيق لتعزيز الأجواء الدرامية والتوترات التي يعيشها المهاجرون.
وتم في هذا العمل أيضا التصوير الحركي للأمواج والعواصف، إضافة إلى الأصوات المرافقة، والتي ساهمت بدورها جميعا في خلق تجربة مشاهدة تحاكي معاناة المهاجرين وهم يخاطرون بحياتهم بحثًا عن حياة أفضل.
في خضم العرض، يتم استكشاف دور المرأة الريفية كمحور رئيسي في النص، حيث تبرز قضايا مثل التقاليد الاجتماعية والاقتصادية التي تقيدها، والتحديات التي تواجهها في محاولة تحسين حياتها.
كما يتم أيضا تصوير المرأة الريفية كرمز لقوة التحمل والصمود، ولكن أيضًا كضحيتها للممارسات الاجتماعية التي تعوق تطورها.
من خلال تقديم هذه القضية، تعكس المسرحية الجوانب المتعددة لحياة المرأة الريفية وتعقيداتها، ما يضيف بعدا إنسانيا عميقا إلى سرد تريجيديا الهجرة.