في الأمسية التاسعة من الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، تألق الفنان المغربي أمين بودشارت، ليةلة الخميس غرة أوت 2024، في عرض موسيقي متميز أذهل الجمهور، مخلقًا أجواء فريدة من نوعها. شهد الحفل إقبالًا جماهيريًا كبيرًا حيث نفدت التذاكر بسرعة فائقة، مما يعكس حجم الترقب الكبير وشعبية بودشارت المتزايدة.
شارك في هذا العرض الموسيقي فرقة مؤلفة من 35 موسيقي محترف، من ضمنهم 15 فنانًا تونسيًا، إلى جانب نخبة من العازفين من الجنسيات المصرية، الفرنسية والمغربية. على هذا النحو، أضافت هذه التشكيلة المتنوعة أضافت طابعًا عالميًا إلى الحفل، حيث أثرت الأداء بنغمات وإيقاعات متعددة، مما أضفى عمقًا وبعدًا ثقافيًا مميزًا.
ولا تعتبر تجربة بودشارت مجرد حفل موسيقي، بل هي عرض تشاركي حيث يلعب الجمهور دورًا محوريًا. فكرة مشروع “الجمهور يغني” الذي يقوده أمين بودشارت تعتمد على جعل الجمهور جزءًا لا يتجزأ من العرض، مما يعزز الشعور بالوحدة والتناغم بين الجميع. هذا المشروع الموسيقي حقق نجاحًا باهرًا في العديد من البلدان، منهم تونس وتحديدا مسرح قرطاج الأثري، أين حيث استطاع أن يجمع في بعض الحفلات أكثر من 6 آلاف متفرج يغنون معًا.
الجمهور التونسي مع عدد من الحضور المغربي لم يكن مجرد مستمعين عاديين، بل كانوا جزءًا فاعلًا من العرض، حيث شاركوا بالغناء والتفاعل مع الأغاني المقدمة، مما خلق جوًا فريدًا من التفاعل والانغماس. هذا التفاعل يعكس ليس فقط جودة الأداء الموسيقي، بل أيضًا قدرة بودشارت على التواصل العميق مع جمهوره وإشراكهم في تجربته الفنية.
بدأ العرض الموسيقي بأداء رائع لأغنية “يا مسهرني” لأم كلثوم، حيث سحر الفنان المغربي الجمهور وانتقل بهم بسلاسة إلى عالم أغنية “أكذب عليك” لوردة الجزائرية، مما حول الحضور إلى كورال متناغم ومؤثر. بعد ذلك، تغير إيقاع الحفل مع تقديم روائع الفن التونسي من خلال أغاني مثل “كي يضيق بيك الدهر” للصادق ثريا، و”نساية” للطفي بوشناق، و”آه يا خليلة” لصليحة، مما أضفى طابعاً محلياً مميزاً على العرض. ثم انتقل العرض إلى أداء أغنية “أتحدى العالم” لصابر الرباعي، ليتفاعل الحضور بعدها مع”وحياتي عندك” للفنانة الراحلة ذكرى محمد.
إلى جانب الأداء الموسيقي الرائع، ساهمت الإضاءة المبهرة والتصميم البصري المتقن في تعزيز الجو العام للحفل، مضيفة لمسة سحرية وجاذبية بصرية. الحفل كان بمثابة لوحة فنية متكاملة، جمعت بين الموسيقى والفن البصري، مما جعل التجربة بأكملها لا تُنسى.
أثبت أمين بودشارت من خلال هذا الحفل مكانته كأحد أبرز الفنانين في الساحة الموسيقية العربية والدولية. لقد كانت ليلة استثنائية، مليئة بالإبداع والتفاعل، وستظل في ذاكرة كل من حضرها كواحدة من أفضل أمسيات مهرجان قرطاج الدولي.