قبل أن يسدل الستار على حفل الفنانة المصرية آمال ماهر غدًا في المسرح الأثري بقرطاج، يظل حديث عن السهرة العاشرة من الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي حيًا في الأذهان. تلك الليلة التي شهدت عودة القيصر، الفنان العراقي القدير كاظم الساهر، إلى ركح قرطاج بعد غياب دام لست سنوات.
حقوق الصور تعود للمصور الصحفي رفيق بودربالة:
على مدى ساعتين كاملتين، وقف كاظم الساهر أمام جمهور اكتضت به مدرجات المسرح الروماني، ومتفاعلًا معهم في كل أغنية يؤديها. أين قدم القيصر مزيجا فنيا بين نوستالجيا أغانيه القديمة وإنتاجاته الجديدة، بما في ذلك مقطوعات من ألبومه الجديد “مع الحب”. وتعد هذه السهرة جزءًا من جولة الساهر العالمية “بين الأمس واليوم” المنطلقة من دبي، مرورًا بالعاصمة المصرية القاهرة، تليها العاصمة اللبنانية بيروت، مرورا إلى تونس، ومتواصلة في كل من تركيا وعمان.
أداء القيصر كاظم الساهر لمقطع من أغنية “هل عند شك”:
حفل القيصر لم يكن مجرد حفل موسيقي، بل كان لحظة تواصل إنساني مؤثر. ففي لفتة استثنائية، عبّر كاظم الساهر عن تضامنه مع القضية الفلسطينية، مرتديًا وشاحًا يحمل علمي تونس وفلسطين خلال أدائه لأغنيته الشهيرة “زديني عشقًا”. هذا المشهد أثار مشاعر الجمهور وأكد على عمق العلاقة بين الفن والقضية الفلسطينية الحاضرة على الدوام في كل الأذهان والمحافل.
لم يفوت كاظم الساهر فرصة التعبير عن تقديره للحضور التونسي. وكما يفعل في كل زيارة إلى تونس، أهدى الحاضرين أغنيته المحبوبة “هلا بالحلوة السمراء”. خلال أدائه للأغنية، حرص الساهر على تكرار جملة “يا حلوة أنت يا تونس” مرات عديدة، محمّلاً كل مرة بمزيد من الشغف والامتنان. لم يكن الأمر مجرد أداء، بل كان رسالة مباشرة من القلب إلى تونس وأهلها. وقد تفاعلت الجماهير مع كل كلمة من الأغنية، ليؤكد الساهر مرة أخرى على أن صوته وقدرته على التواصل العاطفي يعكسان عمق العلاقة التي تربطه بهذا البلد. في تلك اللحظات، لم يكن الجمهور التونسي مجرد مستمع فقط، بل شريكًا في حالة من الاندماج الفني والوجداني مع كاظم الساهر.
وترتبط مسيرة كاظم الساهر بمهرجان قرطاج الدولي منذ عام 1994، عندما أضاء المسرح الروماني بحضوره للمرة الأولى. كانت تلك البداية لعلاقة متينة بين الساهر وجمهور قرطاج، علاقة تطورت على مر السنين لتصبح جزءًا لا يتجزأ من تراث المهرجان. مع كل إطلالة له على هذا المسرح العريق، يضيف الساهر فصلًا جديدًا إلى قصة طويلة من الحب والنجاح، حيث أصبح حضوره ليس مجرد حدث فني، بل موعدًا منتظرًا يترقبه عشاقه بشغف.