طرحت مسالة منظومة الألبان واللحوم الحمراء في تونس في أكثر من مناسبة، حيث تواجه المنظومة منذ سنوات عدة اشكاليات.
وعاشت تونس على وقع عدة ازمات تتعلق بالحليب في السنوات الـ3 الماضية، مما تسبب في نقص في التزود وتوفر هذه المادة بالأسواق.
كما شهدت البلاد ارتفاعا كبيرا في اسعار اللحوم الحمراء، مما دفع وزارة التجارة لتسقيف الأسعار.
ورغم ذلك بقيت اسعار الللحوم الحمراء مرتفعة ولا تتمشى مع المقدرة الشرائية للمواطن التونسي وخاصة الطبقة المتوسطة التي تعاني، وفق ما أكدته المنظمات الناشطة في المجال على غرار المنظمة التونسية لارشاد المستهلك.
وجاء مشروع قانون المالية لسنة 2025 بعدة اجراءات تتعلق بدعم مربي الأبقار والماشية وتوريد اللحوم الحمراء لتعديل السوق.
كلفة الانتاج مرتفعة والمردودية محدودة
أكد مدير الانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري منور الصغير ، في تصريح لموقع “تونيبزنيس” ، أن مردودية القطاع متدنية جدا مقارنة بالكلفة.
وتحدث عن ارتفاع كلفة الانتاج في علاقة الأعلاف وأسعار الاراخي والابقار في السوق العالمية.
وقال إن كلفة انتاج اللتر من الحليب بلغت 2100 مليم مقابل سعر بيع بـ1430 مليم، مشيرا الى أن الفارق بين الكلفة والبيع كبير جدا، وفق تعبيره.
واشار إلى تراجع انتاج تونس من الاعلاف الخشنة بسبب التغيرات المناخية وارتفاع اسعار الاعلاف المركبة في السوق العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا وروسيا.
وأضاف أن المواد الاولية للاعلاف في العالم ارتفعت، مبينا ان المشاكل الداخلية والخارجية اثرت على المنظومة.
وشدد على أن تونس تورد هذه المواد بالعملة الصعبة وأي زيادة بـ30 دولار في الطن الواحد من المواد الأولية للاعلاف المركبة تعني زيادة بـ100 دينار يتحملها الفلاح التونسي.
التفريط في القطيع
قال محدثنا أن الاشكاليات المطروحة في منظومة تربية الابقار دفعت الفلاح الى التفريط في القطيع والنزوح من مناطق الانتاج الى المدن.
وبين أن جزء كبير من قطيع الابقار في تونس تم تهريبه الى الدول المجاورة.
كما تحدث عن تراجع مردودية القطيع، في علاقة بانتاج الحليب واللحوم، وذلك بسبب عدم قدرة الفلاح على توفير التغذية الكافية وذات الجودة للقطيع.
وأضاف أن هذا تسبب في نقص وفقدان مادة الحليب في السوق وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بصفة جنونية، وفق تعبيره.
وأكد انهيار تشغيلية هذا القطاع الهام بسبب عزوف الفلاحين على تربية الابقار، بسبب تراجع المردودية وارتفاع كلفة الانتاج.
الحلول
أفاد مدير الانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري منور الصغير بأن الحلول تتلخص في 4 محاور.
وبين ان المحور الأول يتعلق بالترفيع في اسعار بيع الحليب عند الانتاج (على مستوى الفلاح) لكي يتلاءم مع كلفة الانتاج وضمان هامش ربح، مؤكدا أن هذه الخطوة مهمة وهي ضربة البداية وضرورية لفتح مسارات أخرى، وفق تعبير.
ويتعلق المحور الثاني برفع انتاجية القطيع من خلال العمل الميداني والاحاطة والتأطير للفلاحين والرعاية الصحية الحيوانية من خلال بعث صندوق يعتني بالتعويض للفلاحين ومتابعة كل الامراض التي قد تصيب القطيع وخاصة التي تنتقل من الانسان الى الحيوان، وفق الصغير.
ودعا إلى توريد اراخي عشار من السلالات مزدوجة الانتاج (الحليب واللحوم)، على غرار الدرانتي والبراون سويس وغيرها، وذلك في اطار تجديد القطيع.
وطالب بتعويض الفلاحين على الفترات التي لم يشتغلوا خلالها.
ثمن الاراخي يتجاوز 12 ألف دينار
شدد المتحدث على أن كلفة توريد الاراخي من الخارج مرتفعة ولا يمكن للفلاح مجابهة الاسعار دون دعم.
وقال إن سعر الاراخي يتجاوز الـ12 الف دينار للواحدة.
ودعا الى دعم الفلاحين في هذا الاطار من خلال 60 بالمائة من كلفة التوريد على الأقل، وفق تقديره.
وشدد على ضرورة تدخل الدولة لدعم الفلاح لأنهم ليس لديهم تمويلات كافية لتغطية عمليات التوريد.
واعتبر أن الدعم الذي تقدمه الدولة في حدود 30 بالمائة الان غير كافي ويجب ان يصل الى 60 بالمائة على الأقل.
وطالب بضرورة احداث خط تمويل دون فوائض للفلاحين من اجل توريد الاراخي وتجديد القطيع.
وأكد انه من خلال اتباع هذه الخطوات يمكن تكوين قطيع جديد واعادة بناء المنظومة.
اجراءات مشروع قانون المالية ضعيفة وليست جديدة
اعتبر مدير الانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري منور الصغير ان الاجراءات التي اقرهخا قانون المالية في علاقة بدعم مربي الابقار ضعيفة.
وشدد على ان الاعفاء من الاداءات عند توريد الاراخي ليس جديد بل هو اجراء معمول به منذ 2015، مستغربا وضع قرار وهو موجود اصلا، وفق تعبيره.
وقال ان هذه الاجراءات اذا كانت صحيحة لا ترتقي الى تطلعات الفلاحين، حسب قوله.
توريد اللحوم يحد من ذبح الاناث
اعتبر الصغير أن مقترح قانون المالية حول الغاء الاداءات على توريد اللحوم الحمراء بالنسبة لشركة اللحوم سيقلل من ذبح الاناث على المستوى المحلي.
وأفاد بانه هناك اشكال يتعلق بارتفاع اسعار اللحوم في السوق العالمية، وهذا الاجراء يساهم في تراجع كلفة التوريد.
وأكد أن هذا الاجراء يحافظ على منظومة الالبان.
اجراءات مشروع قانون المالية
أقر مشروع قانون المالية لسنة 2025 جملة من الإجراءات لمساندة مربي الابقار وذلك بتخصيص مبلغ 5 مليون دينار على موارد صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاع الفلاحة والصيد البحري:
وتصرّف في شكل منحة استثنائية لدعم الأموال الذاتية لصغار مربي الأبقار للحصول على قروض تُسند من قبل البنوك على مواردها الذاتية خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي إلى 31 ديسمبر 2025 لتمويل اقتناء أبقار وذلك في إطار برنامج لإعادة تكوين القطيع الوطني من الابقار مع تكفل الدولة بكامل مبلغ الفوائض الموظفة على القروض المذكورة.
كما تم التنصيص خلال مشروع القانون على إعفاء صغار مربّي الأبقار من المعاليم والأداءات المستوجبة عند توريد الأراخي (لإنتاج الحليب) والعجول (لإنتاج اللحوم) وذلك خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي 2025 إلى 31 ديسمبر 2028.
واقترح مشروع قانون مالية 2025 تمتيع شركة اللحوم بامتيازات جبائية في المعاليم الديوانية عند التوريد، كما يقترح الإعفاء المؤقت على القيمة المضافة على اللحوم.