تصنف القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس النفايات، حسب خطورتها على صحة الانسان وسلامة المحيط.
وقد اثيرت أزمة النفايات في تونس في أكثر من مناسبة، وخاصة بولاية صفاقس، التي عاشت على وقع احتجاجات وتحركات اجتماعية جراء تكدس النفايات في الشوارع.
وشهدت الولاية خلال سنة 2022 تكدس لاطانان من النفايات اثر غلق مصب عقارب ورفض الأهالي، لانشاء بصب بالقرب من الأحياء السكنية والمناطق الفلاحية.
واليوم يعود مشهد النفايات من جديد الى مدينة صفاقس، هذه المرة من خلال مخالفة اعتبرها الاهالي “تجاوز خطير”، حيث قام سائق شاحنة ثقيلة بسكب النفافات على الطريق.
وأظهرت مقاطع مصورة تداولها اهالي الجهة والناشطين بالمجتمع المدني، كميات كبيرة من مخلفات “ذبح الدجاج” متناثرة على طول كليمترات بطريق رئيسية بمدينة صفاقس.
روائح كريهة.. ريش وأحشاء ملقاة وسط الطريق
وثقت الفيدهات المتداولة كميات كبيرة من فضلات عمليات ذبح الدجاج ملقاة على طول أكثر من 10 كيلومترات بالطريق.
وتداول أهالي المنطقة أخبار تتعلق بتعمد سائق شاحنة تابعة لأحد الشركات الكبرى الناشطة في هذا المجال، الى سكب هذه الفضلات بالطريق العام.
واستنكروا مثل هذه الممارسات، التي يمكن ان يكون لها تداعيات صحية كبيرة على متساكني هذه المنطقة، وعلى البيئة.
وأكدوا أن الفضلات الملقاة أصدرت روائح كريهة جدا، وتسببت في حالات اغماء في صفوف خاصة متساكني المنازل المحاذية للطريق.
وتتمثل هذه الفضلات في احشاء وريش وكميات من للحوم الدواجن المتعفنة، ملقاة على الطريق.
تدخل كل بلديات المدينة لرفع وتعقيم المنطقة
قال الناشط بالمجتمع المدني وصاحب مبادرة “سيب الترتوار” زياد الملولي، في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، إن سائق الشاحنة تعمد سكب هذه الفضلات في الطريق.
وأكد ان عدد من شهود العياد أكدوا انهم اشاروا اليه واعلموه بان محتوى الشاحنة يتسرب في الطريق لكنه لم يبالي وواصل طريقه.
وأفاد بان المعني كان على علب بسكب الفضلات واستغل الظلام للقيام بهذه العملية، مؤكدا ان هذه الفضلات تسببت في كارثة بيئية بسبب خطورة النفايات والروائح الكريهة .
وتابع ان الحادثة حصلت في منطقة تابعة لبلدية العيون، ولكن تدخلت كل البلديات المجاورة من اجل رفع الكميات الكبيرة من الفضلات التي كانت متعفنة ويظهر انها مخزنة منذ أيام.
وأضاف أن تدخلات البلديات من خلال رفع الفضلات وكنس وتعقيم الطريق تواصلت الى غاية ساعة متأخرة من الليل.
فتح تحقيق في الحادثة
اكد محدثنا أن الوحدات الأمنية تنقلت على عين المكان وعاينت الفضلات المتناثرة على طول أكثر من 10 كيلوميترات.
وافاد بانه تم الاطلاع على الكميرات المراقبة التابعة لبعض المحلات المحاذية للطريق وتفريغها، من اجل الكشف عن مرتكب هذه الجريمة البيئية، وفق تعبيره.
كما أشار إلى أن الفضلات تم القائها امام محلات تجارية ومنازل ومدرسة ابتدائية، مما زاد من تعميق الأزمة، ودفع السلط إلى التدخل العاجل لرفعها وتجنيب المواطنين والأطفال مخاطر صحية قد تلحق بهم.
الشركة تنفي ما يتم تداوله
وجه الاهالي في بلدية العين من ولاية صفاقس اصابع الاتهام حول هذه الحادثة لشركة كبرى ناشطة في مجال الدواجن ومشتقاتها.
وأكد زياد الملولي في تصريحه، أن الكميات الكبيرة من الفضلات جعلت اصابع الاتهام توجه مباشرة للشركة.
وتابع “الكمية كبيرة لا يمكن ان تكون الا تابعة للشركة لا يمكن ان تكون تابعة لمحلات صغرى”، وفق تعبيره.
في ذات السايق، إتصالنا بشركة كبرى ناشطة في المجال ومنتصبة بجهة صفاقس للاستفسار عن الحادثة لكن دون اجابة.
وحاولنا التواصل مع بعض المصادر الخاصة من داخل الشركة، وأكدت أنه على اثر تداول هذه المعطيات قامت الشركة بالتثبت من الاتهامات الموجهة لها وتبين أنه لا علاقة لها بالشاحنة وسائقها، وفق تعبيره.
وشدد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه وصفته، أن الشركة تتبع نظام يحترم البيئة والتشريعات الجاري بها العمل في علاقة بالتخلص من نفايات الدجاج، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن المؤسسة كل معاملاتها قانونية وهي تحت مراقبة مصالح الدولة المختصة ولم تسجل مخالفة في شأنها من أي نوع.
ماذا عن القانون في تونس؟
انضمت تونس الى اتفاقية “بازل” سنة 1972 بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود واتفاقية ستوكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة لعام 2018.
وتُلزم هذه الاتفاقيات تونس باحترام المعايير الدولية فيما يتعلق بالنفايات الناتجة عن القطاع الصناعي وتطبيق معايير معينة من حيث إعادة التدوير والفرز الانتقائي.
وينص الدستور التونسي في فصله 47 على أن الدولة التونسية تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي.