حذرت السلطات التونسية ممثلة في وزارة التكوين المهني والتشغيل في أكثر من مناسبة من مكاتب التشغيل الوهمية، وخاصة بالنسبة لعقود العمل بالخارج.
وينشط في هذا المجال عدد هام من الوكالات، التي تعتمد في غالب الأحيان على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لخدماتها ولعقود العمل.
وساهم حلم العمل في الخارج الذي يراود نسبة كبيرة من الشباب التونسي، بسبب تدهور المقدرة الشرائية وأوضاعهم في تونس.
48 شكاية.. مكاتب وهمية
قال مدير عام التوظيف بالخارج واليد العاملة الأجنبية بوزارة التكوين المهني والتشغيل أحمد المسعودى إن عدد الشكايات التي تقدمت بها وزارة التشغيل والتكوين المهني ضد مكاتب التشغيل الوهمية بلغ 48 منذ صدور الإطار القانوني سنة 2010، من بينها 14 شكاية خلال السنة الجارية.
واحتلت ولاية سوسة المرتبة الأولى وطنيا في عدد الشكايات المرفوعة ضد مكاتب التشغيل الوهمية خلال سنة 2024، ثم تونس الكبرى فصفاقس، فيمما جاءت ولاية قفصة في المرتبة الأخيرة، وفق ذات المصدر.
وأفادت بأن العقود الوهمية تتعلق أساسا بكندا وإيطاليا وفرنسا، تتراجع النسب بالنسبة لعقود العمل في تركيا وقطر.
بين 5 و30 الف دينار.. شباب ضحايا الوهم
قال حسين بن صالح، وهو شاب تونسي يبلغ من العمر 38 سنة، إنه متحصل على شهادة في التكوين المهني، وعمل في القطاع الخاص في تونس لسنوات منذ تخرجه سنة 2008 لكن بأجر زهيد ودون حقوق ولا ضمانات، وفق تعبيره.
وبين أنه بعد غلق كل الأبواب وتدهور وضعه الاجتماعي والمادي وعدم قدرته على تغطية تكاليف الحياة له ولعائلته، خاصة مع الزواج والأطفال، قرر البحث عن فرص أخرى خارج البلاد.
وأضاف انه تواصل مع احد مكاتب التشغيل التي وجد اعلان لها على وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي تقدم عروض للعمل بدولة كندا، طلبوا منه ترجمة كل وثائقه الرسمية وتوفير مبلغ مالي قدره 5 الاف دينار.
وتابع انه قام بكل ما طلب منه وثم توجه بها الى المكتب المعني مع المبلغ المالي المطلوب وقام بتوقيع عقد في الغرض، وأكد له المسؤول بالمكتب انه سيوفر له عقد في مدة أقصاها 7 اشهر ولكن بعد مرور اكثر من سنة من المماطلة والتسويف اتصل بهم من اجل استرداد أمواله ولكن لم يمكنوه من ذلك الى اليوم، رغم مرور 3 سنوات على ابرام العقد.
وشدد على ان هذا المكتب يعمل الى اليوم ويستقطب الشباب، مشيرا الى انه كون مجموعة فايسبوك بالشراكة مع عدد من ضحايا هذا المكتب واتصلوا بالإدارة لاسترجاع أموالهم لكن دون جدوى.
من جهتها، قالت “أسماء” وهي تونسية متحصلة على شهادة جامعية في القانون الخاص أنها تعاني من البطالة منذ سنوات واشتغلت في عدة اختصاصات، في المقاهي والمصانع والتعليم الخاص وغيرها، وقررت تحسين وضعها هي وعائلتها، اتصلت بمكتب تشغيل خاص بالعاصمة يوفر عقود عمل في عدد من الدول الأوروبية مقابل مبالغ تتراوح بين 12 و20 الف دينار وتتجاوزها الى 30 الف دينار مع تكاليف السفر والفيزا.
وبينت انها وقعت عقد مع هذا المكتب يقضي بدفع نصف المبلغ في البداية ثم دفع البقية على أقساط بعد توقيع العقد مع الطرف الأجنبي وخلال فترة الاعداد للتأشيرة وبقية الإجراءات.
وقالت إنها دفعت كل الأموال التي جمعتها طيلة 10 سنوات من العمل، وتقدر بـ8 الاف دينار، لكن بعد فترة حوالي 3 اشهر وبعد اتصالات متكررة بهذا المكتب دون رد توجه لمقرهم وجدته مغلق وقيل لها انه مكتب غير قانوني وتم غلقه.
وتحدثت بحرقة عن استغلال أحلام الشباب ويأسهم والتحيل عليهم دون رقيب ولا حسيبـ خاصة ان المكتب المعني معروف واعلاناته موجودة في كل مكان على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع، وفق تعبيرها.
التحيل يضر بالمكاتب القانونية
قال “منذر”، كما سميناه لأنه رفض الكشف عن هويته بالكامل، وهو صاحب أحد مكاتب التشغيل، انه يعمل منذ سنوات في هذا المجال وانه عاين عدد من ملفات التحيل من قبل مؤسسات ومكاتب تشغيل وهمية تتحيل على الاف الشباب وتبيع الوهم.
وشدد على أنه منذ 2014، مع بداية نشاطه في هذا المجال، مرت عليه أكثر من الف حالة تعرضت للتحيل من قبل مكاتب وهمية وتم الاستيلاء على أموالهم.
وأكد أن هذه المكاتب اضرت بعملهم كمؤسسات قانونية وتعمل بكل مصداقية، مشيرا الى ان عقود العمل في الخارج لا تكون بمقابل، مشيرا الى ان الطرف الأجنبي يدفع لمكاتب التشغيل في دول مثل تونس لتوفير اليد العاملة ذات الكفاءة.
كما لفت الى انه عاين عدد من الوضعيات التي تصل الى دول مثل الاتحاد الأوروبي أو كندا ودول الخليج وغيرها وتجد عقود عبودية وليس عمل أو تجد نفسها في الشوارع دون أي حقوق، وفق تعبيره.
ودعا الوزارة الى مراقبة خاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مجالا مفتوحا للتحيل والابتزاز واستنزاف والقضاء على أحلام الشباب التونسي.
وبين ان هذه المكاتب غير القانونية تتعمد أحيانا تحت أسماء وحسابات وهمية تشويه سمعة المكاتب القانونية وهذا غير مقبول، وفق تعبيره.
وزارة التشغيل تحذرّ
حذرت وزارة التشغيل والتكوين المهني الباحثين عن شغل في الخارج من الانسياق وراء عروض وهميّة، وذلك تبعا لتواتر الإشعارات المتعلّقة بعمليّات تحيل وإبتزاز يتعرض لها عدد من الباحثين عن شغل من الراغبين في التوظيف بالخارج، من قبل مكاتب توظيف غير قانونيّة يتم عبرها إيهامهم بتقديم عقود عمل بالخارج وخدمات إقامة وإعاشة وغيرها، مقابل دفع مبالغ مالية هامّة.
ودعت وزارة التشغيل إلى تجنّب التعامل مع هذه المؤسّسات، والتعامل حصريّا مع مكاتب التوظيف بالخارج المتحصّلة على ترخيص قانوني لممارسة مهمّة الوساطة في سوق الشغل الدوليّة، والتي تتولى الوزارة متابعتها وتقييم أنشطتها.
وذكرت الوزارة بأن كل الخدمات المسداة من طرف المكاتب القانونيّة هي خدمات مجانية وأنّ الإطار القانوني لممارسة نشاط التوظيف بالخارج يمنع منعا باتا تقديم خدمات بمقابل مادّي مهما كانت قيمته.
قائمات المؤسسات المرخصة
أفادت وزارة التشغيل والتكوين المهني أنها تتيح على موقعها الرسمي قائمة محيّنة لهذه المكاتب وقائمة المؤسّسات الخاصّة للتوظيف بالخارج المتحصلة على الترخيص القانوني.
في ما يلي القائمة:
وأكدت الوزارة في السياق إلى أن الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل والوكالة التونسية للتعاون الفني والمكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج القانونية والبالغ عددها حاليا 60 مؤسسة حاليا هي الأطراف القانونية المتدخلة في مجال الوساطة في التوظيف بالخارج، وهي مؤسسات مدعوة إلى إسداء خدماتها بصفة مجانية وخلاف ذلك يعتبر مخالفا للقانون.
وأكدت انه تعمل على تفعيل اتفاقيات التعاون الدولي في مجال التوظيف بالخارج وتوفير 2000 عقد شغل إضافي بإيطاليا في مجال البناء والاشغال العامّة على امتداد 3 سنوات.
كما ذكرت الوزارة مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والاكترونية والسمعية البصرية إلى ضرورة الاستظهار بالترخيص القانوني عند إدراج إعلانات إشهارية لفائدة المؤسسات الخاصة للتوظيف بالخارج.