بعد سنة من مراجعة اتفاقية التبادل التجاري الحر.. كيف يتحول العجز التجاري مع تركيا الى فائض؟

نزيهة نصري

أعلنت تونس رسميا في أواخر سنة 2023 عن مراجعة اتفاقية التبادل التجاري الحر مع تركيا، من اجل خلق توازن في المبادلات.

وتمت مراجعة هذه الاتفاقية على اثر تفاقم العجز مع تركيا وتضرر عدد من المنتوجات التونسية خاصة منها في قطاعات النسيج والفلاحة بسبب التوريد واغراق السوق بمنتوجات قادمة من هذا البلد، وفق ما أكدته عدة اطراف مهنية.

وجاءت هذه الخطوة، وفق بلاغ لوزارة التجارة وتنمية الصادرات، لحماية الصناعة الوطنية والحد من تفاقم العجز التجاري مع الجانب التركي عبر تعديل اتفاق التبادل الحر من خلال إقرار 3 إجراءات أساسية.

توظيف معاليم الديوانية

وقعت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات السابقة كلثوم بن رجب قزاح بأسطنبول مع نظيرها التركي عمر بولات اتفاق يقضي بتعديل اتفاقية التبادل التجاري الحر بين البلدين، في ديسمبر 2023.

ويشمل الاتفاق مراجعة الاتفاق على قائمة من المنتوجات الصناعية التي لها مثيل مصنع محليا من خلال إخضاعها مجددا للمعاليم الديوانية لمدة خمس سنوات.

ونص كذلك على أنه يتم الترفيع في المعاليم من 0% في السابق إلى نسب تتراوح بين27% و37.5% ما يمثل 75% من المعاليم المطبقة في النظام العام أي التعريفات القياسية للدولة الأكثر رعاية.

 كما تم بوجبه مراجعة النظام الخاص بالمنتوجات الفلاحية عبر الحصول على تنازلات أحادية من الجانب التركي لدعم الصادرات التونسية نحو تركيا وذلك في شكل حصص سنوية معفية تماما من المعاليم الديوانية.

واتفق الوزيران كذلك على دعم الاستثمارات التركية في تونس وتنظيم منتدى استثماري تونسي تركي للتعريف بالمشاريع والفرص الاستثمارية في تونس لدى الممثلين والمستثمرين الأتراك.

 تركيا تسعى للوصول إلى 3 مليارات دولار

قال وزير التجارة التركي عمر بولاط إن بلاده تسعى الى رفع حجم التبادل التجاري مع تونس إلى 3 مليارات دولار سنويا.

وجاء تصريح الوزير التركي خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة تونس بختام منتدى الأعمال والاستثمار التركي التونسي الثاني.

وأفاد بأن حجم التبال التجاري مع تونس يبلغ حاليا 1.6 مليار دولار وسيتم العمل على رفعه إلى ملياري دولار خلال فترة قصيرة، ثم إلى 3 مليارات دولار لاحقا، وفق تعبيره.

تواصل العجز التجاري

كشفت أخر احصائيات صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء حول التجارية الخارجية بالأسعار الجارية خلال أكتوبر 2024، تواصل العجز التجاري مع تركيا.

وكشفت البيان ان تونس سجلت جز مع هذه الدولة بلغ 2286.9 مليون دينار.

وتأتي تركيا في المرتبة الرابعة من حيث قائمة الدول التي تسجل تونس معها عجزا تجاريا، بعد الصين، وروسيا والجزائر.

كيف يتحول هذا العجز إلى فائض؟

قال مدير التعاون مع أوروبا بوزارة التجارة وتنمية الصادرات نبيل العرفاوي، إن تعديل الاتفاق التجاري الحرّ مع تركيا أفضى إلى ارتفاع صادرات تونس نحوها بنسبة 7.3 بالمائة وتقلص واردتها إلى 5 بالمائة خلال 4 الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2024.

وبين أن وزارة التجارة ستقيّم انعكاس هذه الخطوة بنهاية العام الجاري لكنها لن تكون الحل لتعديل كفة الميزان التجاري الثنائي.

وقال إنّ مراجعة المعاليم الديوانية بالترفيع ليست الحل، بل إن الأمر يحتاج إلى دعم الصادرات التونسية إلى تركيا، وان المنتوجات التونسية الموجودة حاليا في عديد الأسواق الأوروبية، والتي تحقق تونس معها فائضا في الميزان التجاري الثنائي على غرار أهم دول الاتحاد الأوروبي، مشهود بجودتها وبالتالي هي قادرة على النفاذ إلى السوق التركية.

نحو تعزيز الاستثمارات التركية في تونس

شدد مدير التعاون مع أوروبا بوزارة التجارة وتنمية الصادرات نبيل العرفاوي على ضرورة تعزيز الاستثمارات التركية في تونس الي قال إنها ضعيفة، وفق تعبيره.

ودعا إلى جذب السائح التركي خاصة وأن 16 ألف تركي فقط زاروا تونس العام الماضي، في المقابل يقبل التونسي على الوجهة التركية للسياحة والتجارة.

في ذات السياق، أكد رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، أنه بامكان تونس وتركيا التوجه بصفة مشتركة نحو بعض الأسواق الواعدة.

وبين أنه يمكن للمؤسسات التونسية، بحكم خبرتها، مرافقة نظيراتها التركية الراغبة في الاستثمار في إفريقيا، كما يمكن للمؤسسات التركية أن تفيد مثيلاتها التونسية، التي تسعى إلى النفاذ إلى الأسواق التي ترتبط بعلاقات اقتصادية مميزة مع تركيا.

وشدد على أن تونس اليوم تتوفر على مناخ مشجع على الاستثمار بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وعلى العديد من المجالات الواعدة التي يمكن الاستثمار فيها مثل القطاع الزراعي والصناعات الغذائية والنسيج والنسيج الفني والصناعات الصيدلية والصحة والطاقات المتجددة وتحلية المياه والهيدروجين الأخضر والرقمنة والقطاع المالي والسياحة والخدمات بصفة عامة، والاستفادة من المناخ العام الذي توفره تونس.

وأفاد بأن الارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين يتطلب توفير المناخ المناسب وتوفر جملة من الشروط الأساسية أهمها تطوير الإطار التشريعي بتشجيع الاستثمار المشترك وتحقيق قدر أكبر من التوازن للتبادل التجاري المشترك، والتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وخاصة القطاعات السيادية كالغذاء والصحة والطاقات المتجددة وتكنولوجيات الاتصال، والاستفادة من عضوية البلدين ودورهما النشيط في العديد من الفضاءات الاقتصادية، وحسن استثمار علاقات البلدين المتميزة مع بلدان الجوار والتجمعات الإقليمية.

من جهته، أكد وزير التجارة التركي عمر بولاط أن تركيا ستعمل خلال فترة قصيرة كذلك على رفع حجم استثماراتها في تونس، التي تبلغ حاليا 700 مليون دولار.

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version