ظل القطاع السياحي في تونس لسنوات مرتبط بشكل وثيق بفصل الصيف والمناطق الساحلية، حيث انحسر فقط في السياحة الشاطئية.
في المقابل برزت خلال السنوات الأخيرة مفاهيم جديدة في علاقة بالسياحة، بينها السياحة المستدامة والتخييم والسياحة الصحراوية التي استغلتها عدة دول ونجحت في استثمارها، وتمكنت من خلال من تنويع المنتوج واستقبال الوافدين على طول السنة.
وتحدثت وزراء السياحة والمندوبين الجهويين في تونس والناشطين في هذا القطاع الذي يساهم بقدر كبير في ادخال العملة الصعبة على ضرورة تنويع المنتوج والترويج لكل المناطق في تونس، بما في ذلك صحراء الجنوب التونسي التي أصبحت تستقطب عدد هام من الباحثين عن سحر الطبيعة وجمال الصحراء.
واقع السياحة الصحروية في تونس
يعتبر فصل الخريف ذروة الموسم السياحي في الجنوب التونسي، ويشهد توافع عدد هام من الزوار من الداخل والخراج.
وتستقبل الصحراء التونسية سياح من مختلف الجنسيات، حيث تعززت هذه الوجهة خلال السنوات الماضية مع تنظيم عدة تظاهرات بولايات الجنوب تعنى بالترويج للمنتوج السياحي في هذه الجهات من بينها مهرجانات وتظاهرات رياضية وغيرها.
ورغم هذه الحركية الهامة الا انها تبقى دون المطلوب وفق تقدير الجهات الرسمية والعاملين في القطاع السياحي ووكالات الاسفار والرحلات.
وقد تمكنت الصحراء التونسية من من جذب العديد من السنمائيين لتصوير افلام عالمية، واحتضنت المهرجانات المحلية والدولية، روجت للموروث الثقافي والطبيعي الجذاب والمتنوع.
وتمثل الصحراء أكثر من ثلثل مساحة البلاد التونسية، وتضم 5 ولايات وهي كل من توزر و قبلي وتطاوين وقفصة وقابس .
ويمكن ان تتحول هذه الولايات الى ركيزة أساسية للقطاع في البلاد، خاصة أنها تمتلك مميزات ثقافية و تاريخية و طبيعية تجعل منها مختلفة عن بقية انواع السياحة التقليدية.
700 الف سائح.. فنادق بطاقة استيعاب محدودة
سجلت طاقة استيعاب النزل في ولايات الجنوب التونسي تراجعا خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد الجائحة الصحية كوفيد 19، الذي اضر بالقطاع بشكل كبير.
وتبلغ طاقة استيعاب النزل في هذه الولايات 10500 سرير منها 9600 في ولايتي توزر وقبلي، وفق بيانات الديوان الوطني للسياحة التابع لوزارة السياحة.
وتراجعت طاقة استيعاب النزل بولاية توزر من 3 آلاف سرير قبل 2019، إلى 250 سريراً فقط ، ولم يتجاوز معدل الإقامة 1.6 ليلة لكل زائر، وهو رقم يعتبر ضعيف جدا، خاصة ان السياحة الصحراوية لا تزال مختزلة في سياحة الرحلات القصيرة التي لا تتجاوز اليومين او الـ3 ايام.
وكشفت البيانات الرسمية أن الوجهة الصحراوية التونسية تستقطب حوالي 700 ألف سائح، وهو رقم ضئيل للغاية مقارنة بإجمالي عدد السياح الوافدين على تونس.
في ذات السياق، قال وزير السياحة مؤخرا خلال جلسة عامة بالبرلمان، لمناقشة مهمة الوزارة لسنة 2025، إن تونس استقبلت الى حدود أكتوبر 2024، حوالي 8.6 مليون زائر.
بين أفضل 10 وجهات في عالم
يحتل الجنوب التونسي المرتبة الخامسة ضمن قائمة أفضل 10 وجهات سياحية في العالم لعام 2024 ضمن التصنيف السنوي لدليل السفر والسياحة الشهير “روتار”.
وأفاد الموقع بأن الجنوب التونسي يعتبر وجهة مميزة تجمع بين واحات النخيل وشلالات المياه ورمال الصحراء الممتدة والقرى البربرية ذات المنازل المحفورة داخل الصخور وديكورات أفلام حرب النجوم.
وقال مدير السياحة الصحراوية والواحية بالديوان التونسي للسياحة مهدي الحلوي إن هذا التصنيف أنصف تونس أملا أن ينعكس إيجابيا على النشاط السياحي في البلاد عموما وفي المنطقة الجنوبية بشكل خاص.
في ذات السياق، اختارت شركة الرحلات السياحية العالمية “فرام” تونس لاحتضان مؤتمرها التجاري “كارافال دوري الأبطال” من 16 إلى 18 أكتوبر 2024 بمدينة توزر.
ويذكر أن الشركة المتخصصة في السوق الفرنسية وأحد رواد العالم في مجال الأسفار.
ووصل فريق مبيعات هذه الشركة الى الصحراء التونسية لاكتشاف الفرص المتاحة من خلال ولاية توزر.
التخييم والغرف الايكولوجية
اتجهت عدة دول في العالم، والتي أصبحت رائدة اليوم في السياحة الصحراوية، على غرار المغرب والأردن والسعودية والامارات العربية المتحدة، وغيرها، الى اعتماد مقاربة جديدة في علاقة بهذا النوع من السياحة من خلال الخروج عن التقليدي والمؤلوف والبحث عن منتوجات مختلفة تستهوي السائح الأجنبي.
وركزت هذه الدول على تركيز مخيمات في الصحراء مجهزة بكل إجراءات الحماية والرفاه، وحولت الصحراء القاحلة الى لوحات فنية تجذب السائح.
يشار إلى أن المغرب يسير نحو تطوير المناطق السياحية بالأقاليم الجنوبية وخصص في مرحلة أولى اعتمادات مالية قدرت بـ33.57 مليون دولار، لتطوير عدد من المشاريع السياحية بجنوب المملكة التي سيدشن بها 40 منطقة سياحية وتثمين 27 موقعاً بقيمة إجمالية 10 مليون دولار في ظل التحضيرات لكأس العالم 2030 التي تستضيفها الرباط.
من جهته، روج الأردن للصحراء والموروث الثقافي لدول الخليج العربي من خلال الاستثمار في مناطق تخييم كبرى تتجاوز المفهوم التقليدي للتخيم لتكون في مستوى انتظارات السائح الأجنبي.
كما عملت دولة الامارات العربية المتحدة على دعم الاستثمار في القطاع السياحي، وجمعت بين السياحة التقليدية المعتمدة على الفنادق والسياحة البديلة التي تعتمد على تثمين الموروث الثقافي والبيئي للمنطقة واستقطب اكبر المستثمرين في العالم.
تونس الى أين؟
أختار عدد من الشبان في ولايات الجنوب التونسي الالتحاق بالركب والاستثمار في القطاع السياحي الصحراوي الذي يقطع مع المفهوم القديم للسياحة، وقاموا بتجهيز مناطق للتخيم في توزر وقبلي وغيرها.
وتم بعث مخيم بتوزر من خلال تقديم خدمات سياحية متكاملة ضمن مسلك سياحي ينطلق من الواحة ويمتد الى عمق الصحراء أين يوجد المخيم الذي أنشئ بمبادرة من وكالة أسفار خاصة بدعم من برنامج “فيزيت تونيزيا” الأمريكي، وفق المسؤول عن المخيم عمار بالعيد.
وتتراوح طاقة استيعاب هذا المخيم بين 50 و60 سائح، وفق ذات المصدر.