تراهن تونس خلال السنوات القادمة ووفق الاستراتيجية الحكومية في أفق 2030، على الطاقات المتجددة من اجل التخفيف من العجز الطاقي.
وتسعى البلاد إلى تغطية 30 بالمائة من حاجيات البلاد من الطاقة بالاعتماد على الطاقات المتجددة، أي ما يناهز 4800 ميغاواط، تنتج بلادنا منها 700 ميغاواط حاليا فقط، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصناعة الطاقة والمناجم.
ويذكر أن عجز الميزان التجاري الطاقي في تونس ارتفع مع نهاية شهر سبتمبر الماضي وعلى أساس سنوي بنحو 29 بالمائة ليصل إلى حوالي 7.8 مليار دينار خلال التسعة أشهر الأولى من 2024، مقابل 6.7 مليار دولار في نفس الفترة من 2023، حسب المرصد الوطني للطاقة.
وتعتمد بلادنا على توريد الطاقة من الخارج، وخاصة من الجزائر وليبيا، لتغطية أكثر من نصف احتياجاتها الطاقية، مقابل تراجع الإنتاج الوطني بسبب تراجع انتاج الحقول وانخفاض عدد الاستكشافات الجديدة.
مشروع قانون المالية 2025 يهدد رهان تونس على الطاقات المتجددة
تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 مقترح قدمه عدد من النواب يتعلق بالترفيع في الاداءات الديوانية الموظفة على توريد اللاقطات الشمسية من 10 بالمائة حليا إلى 30 بالمائية بداية من غرة جانفي القادم، وفق ما ينص عليه الفصل 54 مشروع القانون.
وقال عضو المكتب التنفيذي للغرفة الوطنية للطاقات الفلطوضوئية التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية محمد علي قم، في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، ان هذا المقترح قديم، حيث انه تم عرضه خلال مناقشة قانون المالية لسنة 2024، ولكن بعد المداولة تقرر تأجيله بسنة.
وبين ان هذه المبادرة جاءت نتيجة ضغوطات صادرة عن شركتين تونسيتين تعملان في هذا القطاع، مشيرا الى ان الحكومة رفضت هذا المقترح لأنه يعترض مع الاستراتيجية التي وضعتها في افق 2030.
وأشار الى ان الحكومة والشركات العاملة في تركيب اللاقطات الشمسية يقترحون الغاء هذه المعاليم تماما لتكون 0 بالمائة، من اجل تحقيق الهدف المذكور.
وأكد أن فرض 30 بالمائة معاليم ديوانية تعني 15 بالمائة من كلفة الطاقة الشمسية، مبينا أن هذا الاجراء غير مقبول ويهدد البرامج الحكومية والنسيج الصناعي.
كلفة الطاقات المتجددة سترتفع
قال محدثنا أن ارتفاع كلفة الطاقة الشمسية اذا تم اعتماد هذا الاجراء والمصادقة عليه في البرلمان، سينعكس بالضرورة على اقبال وحدات الإنتاج على اعتماد الطاقات المتجددة.
وأضاف أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز ستضطر لشراء الكهرباء بأسعار مرتفعة كذلك، مؤكدا أن ارتفاع الكلفة الطاقية ينعكس بالضرورة على كل المنتوجات الاستهلاكية.
وتابع “ارتفاع سعر الكهرباء يعني ارتفاع اسعار المواد الغذائية المصنعة ومواد التنظيف والبناء وغيرها”، وفق تعبيره.
من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي لمنظمة “كوناكت” عبد اللطيف بن حمودة، في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، إن هذا الاجراء سينعكس بالضرورة على كلفة الطاقات الشمسية بالنسيبة للمواطن التونسي والشركات.
وبين أن اللقاطات الشمسية تمثل 50 بالمائة من العملية، والزيادة في المعاليم الديوانية يعني زيادة بـ15 بالمائة على الأقل في كلفة تركيب تجهيزات الطاقة الشمسية.
نحن لسنا ضد الصناعة التونسية ولكن..
شدد بن حمودة على أن لمس، خلال الجلسة التي جمعت مع عدد مع النواب يوم 7 نوفمبر الحالي، إصرار من عدد من النواب على تمرير هذا المقترح بدعوى دعم الصناعات الداخلية.
وبين أن الشركتين التونسيتين العاملتين في هذا المجال لا تقمان بتصنيع اللاقطات بل بتركيبها فقط، حيث أنهم يستوردونها قطع ويقمون بتركيبها، وفق تعبيره.
وأكد” الشركتان لا تنتجان سواء 10 بالمائة فقط من حاجيات السوق الداخلية وهذا غير كافي، مطالبا بدعم الصناعات الوطنية في هذا الاطار من خلال تخصيص منح من الدولة وهو حل يرضي الجميع”، وفق تقديره.
وشدد على أنهم ليسوا ضد الصناعة التونسية.
في ذات السياق، قال محمد علي قم إن هذه الشركات غير قادرة على تغطية حاجيات السوق، مبينا أن ذلك مرتبط بالقدرة المالية لها وتوريد المواد الأولية.
وتابع أن المؤسسات تركيب الطاقات الشمسية تؤكد أنها تنتظر 4 أشهر وأكثر لتزويدها بحاجياتها من أحد المصنعين المذكورين، حسب تعبيره.
أصحاب الشركات يحتجون
أكد عضو المكتب التنفيذي لمنظمة “كوناكت” عبد اللطيف بن حمودة، أن أصحاب الشركات العاملين في القطاع سينفذون وقفة احتجاجية يم الاثنين 25 نوفمبر 2024 أمام مجلس نواب الشعب بباردو بالتزامن مع مناقشة هذا الفصل من قبل نواب الغرفتين التشريعيتين.
وطالب بضرورة التخلي عن هذا المقترح من اجل المحافظة على ديمومة الشركات وهدف الانتقال الطاقي الذي تراهن على تحقيقه بلادنا، وفق تعبيره.
دول تلغي المعاليم ونحن نعود إلى الوراء
أفاد محمد علي قم أن الزيادة في الاداءات الديوانية ضد الإنتاج وضد التوجه الحكومي، قائلا “النواب ضد الحكومة وهذا لا يقبله العقل”، وفق تعبيره.
ودعا الى التخفيض من كلفة الطاقات الشمسية للتشجيع على الانتقال الطاقي، مشيرا إلى أن كل الدول تقريبا تتجه نحو الغاء المعاليم الديوانية، على غرار المغرب التي توظف 2 بالمائة وتتجه لإلغائها تماما في 2025.
وأكد أن الأزمة العالمية والصراعات دفعت الدول الى الاستثمار والتشجيع على الطاقات المتجددة من أجل تحقيق نسب هامة من اكتفائها الذاتي من الطاقات المتجددة، ولكن تونس بهذا الاجراء تعود الى الوراء، وفق تعبيره.
وتابع ” بداية من 2026 هناك مصانع تونسية مصدرة بصفة كلية أو جزئية ستكون مهددة بسبب فرض ما يعرف بالبصمة الكربونية وهذا الاجراء سيكبلها في علاقة بتوجهها الى اعتماد الطاقات النظيفة لا كلفتها سترتفع”.
30 سنة أمن طاقي مهددة
أكدعضو المكتب التنفيذي للغرفة الوطنية للطاقات الفلطوضوئية التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية محمد علي قم في تصريحه، أن الرهان على الطاقات المتجددة هو رهان على المستقبل.
وأشار إلى أن اللاقطات الشمسية تدوم 30 سنة بعد تركيزها، مبينا أنها قد تحتاج فقط طوال هذه المدة الى إضافات أو صيانة.
وقال إن هذا يعني 30 سنة أمن طاقي وبأسعار منخفضة جدا بالنسبة للمواطن والشركات، وفق تعبيره.