أصبح امتلاك منزل حلم “صعب” المنال بالنسبة لعدد كبير من التونسيين، حيث التهبت الأسعار في السنوات الأخيرة لعدة أسباب.
ويعود هذا الارتفاع وفق مختصين الى ارتفاع أسعار مواد البناء الذي تضاعف أكثر من مرة إضافة إلى الزيادة التي شهدتها كلفة اليد العاملة والأراضي الصالحة للبناء، وحتى الفلاحية التي زحف عليها العمران.
في المقابل، يواجه المواطن كذلك أسعار الكراء المشطة واشكالياته المتعددة، حيث تفيد بعض البيانات إلى أن نسبة هامة من المواطنين لا يمتلكون منازل.
كلفة بناء المتر مربع قد تتجاوز الـ1000 دينار
قال المهندس والمستشار مدني والكاتب هادي عياد الأكحل، في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، إن كلفة بناء مسكن ارتفعت مقارنة بالسنوات الماضية.
وأشار إلى أخر الدراسات التي قام بانجازها خلال الأسبوع الماضي، كشفت أن المنزل الاقتصادي الشعبي تقدر بحوالي 100 ألف دينار بالنسبة للـ100 متر مربع، أي حوالي الف دينار للمتر مربع.
وتابع “المنول الاقتصادي لا يحتوي على رخام وبعض المكونات الإضافية التي تزيد من كلفة البناء”.
وأشار محدثنا إل أن الكلفة تختلف حسب المناطق حيث أنها تنخفض في الأرياف لان كلفة بناء مسكن منخفضة في هذه المناطق.
وقال إن الكلفة ترتفع بنسبة 7 بالمائة بالنسبة لمناطق الجنوب التونسي لأن أسعار نقل مواد البناء مرتفعة في تونس.
وشدد على أن هيكل المسكن بما في ذلك الخرسانة والأساس والجدران، كلفته 60 الف دينار بالنسبة لمنزل مساحته 100 متر مربع، مبينا أن بقية المكونات من كهرباء وتجهيزات وأبواب وغيرها، تكون كلفتها متغيرة وفق حاجيات واختيار صاحب المسكن للإضافات والمواد.
ارتفاع بـ20 بالمائة
شدد محدثنا على أن الكلفة ارتفعت بنسبة تتراوح بين 15 و20 بالمائة مقارنة بـ7 سنوات الماضية، مفيدا شاحنة الرمل مثلا كان سعرها 300 دينار واليوم 700 دينار.
وأكد أن عدد من المواد ارتفعت بصفة كبيرة جدا.
وقد نشر المهندس أسعار بعض مواد البناء بتونس الكبرى، مشيرا الى ارتفاع أسعار الرمل بـ50 دينار خلال الأسبوع الماضي، مقارنة بشهر أكتوبر 2024.
المواطن يُعاني
يشتكي المواطنون في تونس من غلاء أسعار كراء الشقق والمنازل التي تضاعفت خلال السنوات الأخيرة وعدم قدرتهم على بناء مسكن حتى ولو بسيط ومتواضع من أجل تخفيف عناء العيش، وفق تعبيرهم.
وفي هذا الإطار، قالت “فاطمة” في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، إنها تعمل وزوجها منذ سنوات وتتكبد عناء خلاص معلوم كراء منزل في أحد الأحياء بالعاصمة، وسعت بكل الطرق للحصول على منزل من خلال قرض او البرامج التي وضعتها الدولة على غرار المسكن الأول وغيرها، ولكن دون جدوى.
وشددت على أنها تعمل في القطاع الخاص هي وزوجها وهذا كان عائق أمامهما للحصول على قرض أو مسكن عن طريق برامج السكن التي وضعتها الدولة، مشيرة إلى أنها تواصلت مع عدد من البنوك بينها البنوك ذات المساهمة العمومية والمكلفة بالسكن لكنها وجدت صد لأنها تعمل في القطاع الخاص.
وقالت كل البنوك تطلب أن يكون أحد الزوجين يعمل في القطاع العام أو “مترسم” للحصول على القرض من أجل بناء مسكن.
وتابعت أن حلم امتلاك أو بناء مسكن في تونس أصبح “صعب المنال إذا لم نقل مستحيل” بالنسبة لفئة هامة من المواطنين التونسيين.
كما تحدثت عن ارتفاع اسعار الأراضي الصالحة للبناء وحتى الفلاحية، التي يضطر عدد من المواطنين لاقتنائها رغم الاشكاليات التي تنجر عن البناء في ارض فلاحية، بسبب اسعارها المتدنية مقارنة بالاراضي الصالحة للبناء.
من جهته، أكد “أحمد” انه تحصل على قطعة أرض صالحة للبناء، منحتها له والدته منذ أكثر من 10 سنوات، ولكنه الى اليوم لم يستطع استكما الاشغال.
وأشار الى غلاء أسعار مواد البناء واليد العاملة كل يوم، إضافة الى اهتراء المقدرة الشرائية لطبقة واسعة من الشعب التونسي بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الحياة مما يؤثر على قدرتهم على امتلاك او بناء مسكن.
وأشار كذلك الى التعطلات الإدارية في علاقة بالحصول على رخص بناء والتمتع بشبكة الكهرباء والماء التي قد تتجاوز السنة منذ إيداع المطلب لدى الجهات المعنية، وفق تعبيره.