تسجل أسعار الذهب على مستوى السوق العالمية تذبذب، متأثرا بعدة عوامل بينها التوترات والحروب وعدم الاستقرار في السياسات النقدية لأكبر البنوك المركزية في العالم، إضافة الى التقلبات في أسعار العملة وغيرها.
وتشهد تجارة الذهب في تونس عدة إشكاليات، بسبب عوامل داخلية محلية تتعلق بالمقدرة الشرائية للمواطن التونسي وتراجع سعر صرف الدينار التونسي أمام أبرز العملات في العالم وخاصة مع ارتفاع الدولار.
ويذكر أن التونسيون يقبلون على شراء المعدن الأصفر والمجوهرات خاصة في مناسبات حفلات الزفاف والاعياد وغيرها.
ويعتبر اقتناء المصوغ والذهب من أبرز العادات التونسية الموجودة منذ القدم.
هل تغيرت عادات التونسيين؟
قال رئيس غرفة تجار المصوغ حاتم بن يوسف في تصريح لموقع “تونبيزنيس” إن تجارة المصوغ في تونس تشهد ركودا هاما بسبب تدهور المقدرة الشرائية للمواطن.
وأفاد بأن هذا الركود متواصل بسبب انهيار الدينار التونسي مقابل الدولار، العملة المحددة لأسعار الذهب في العالم، مشيرا الى أن الذهب ارتفع بالنسبة للمواطن التونسي فقط، خلافا للدول المجاورة على غرار المغرب وليبيا والجزائر التي عملاتها حافظت على استقرارها.
وبين أن سعر صرف الدولار يساوي 3 مرات سعر صرف الدينار وأكثر، مما لا يتناسب وأجور التونسيين.
وتابع محدثنا ان حوالي 75 بالمائة من التونسيين كانوا يشترون المصوغ في حفلات الزفاف ولكن اليوم النسبة تراجعت بشكل كبير بسبب تراجع المقدرة الشرائية للتونسيين.
وأضاف “منذ 2011 تضاعف سعر صرف الدولار المرتبط بشكل وثيق بالذهب، 3 مرات مقارنة بالدينار التونسي”.
وأكد ان عدد من تجار المصوغ اغلقوا محلاتهم وكذلك بالنسبة للحرافيين بسبب الركود الذي تشهده الأسواق.
أسعار الذهب تلتهب
وأشار محدثنا الى أنه من بين الأسباب التي ساهمت كذلك في تراجع اقبال المواطن على شراء الذهب هو الارتفاع الذي شهده المعدن الأصفر.
وبين أن المعدن الأصفر سجل مؤخرا قفزة نوعية لم يسجلها في السابق، حيث بلغ سعر الذهب عيار 18، 205 للغرام بعد ان كان في حدود 195 دينار.
وأكد أنه بعد تحويله وباحتساب اليد العملة يتراوح سعر الذهب عيار 18 بين 250 و300 دينار/غ، معتبرا ان هذا السعر مشط جدا مقارنة بقدرة الشرائية للمواطن.
وشدد على أنه يتم شراء الذهب من السوق العالمية بدولار وبالتالي سيكون سعره مرتفع في تونس، مشيرا الى أنه لو حافظ الدينار التونسي على صلابته امام العملة الخضراء لا بقيت الأسعار تتراوح بين 95 و100 دينار للغرام الواحد عيار 18.
وأفاد بن يوسف بأن التجار تضرروا كذلك من هذا الركود ومن تراجع سعر الصرف وارتفاع أسعار الذهب، مما انعكس سلبا على مردودية القطاع.
هل يبقى الذهب حكرا على العائلات الميسورة؟
قال “محمد” وهو رجل ستيني، يمتلك محل لبيع المصوغ بمدينة نابل، في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، إنه ورث هذه الحرفة عن أجداده، ويعمل في هذا المحل منذ أكثر من 30 سنة ولم يشهد هذا الركود من قبل.
وأكد أن الذهب هو مهر العروس في حفلات الزفاف والعائلات التونسية حتى متوسطة الحال كانت تشتري ولو كميات قليلة من الذهب لكن اليوم حتى العائلات “البلدية” وميسورة الحال لم تعد تستثمر في الذهب لأن أسعاره ارتفعت جدا.
وكما لفت الى مسألة تغيير عقلية الشباب في علاقة بلبس الذهب والمجوهرات، قائلا إن الجيل الحالي لا يحب المجوهرات “الثقيلة الزمنية” ذات القيمة ووزن المعقول، وفق تعبيره.
وشدد على أن اغلب الحرفاء، وهم قلة قليلة، وفق تعبيره، يشترون أشياء بسيطة، خاتم بسيط أو سلسلة “فينو”، مفيدا بأن التجار يعانون من الركود وهذا الغلاء أضرهم كثيرا ويبحثون عن حلول للعودة الى سالف نشاطهم.