تواصل أسعار الزيتون في تونس النسق التنازلي، حيث تراجعت الى دينار واحد للكلغ من الزيتون الحي، مما دفع الفلاحين الى التأجيل عمليات الجني في انتظار ارتفاع الأسعار.
وعبر عدد من الفلاحين رفضهم لقرارات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري الصادرة خلال نهاية نوفمبر الفارط والمتعلقة بشروط وإجراءات شراء ديوان الزيت لكميات من زيت الزيتون.
واعتبروا ان هذه الإجراءات زادت في حدة الازمة وغير مناسبة ومرفوضة في الوقت الحالي، خاصة مع ذروة الجني، وسعي الفلاح الى تغطية تكلفة الإنتاج.
أكثر من 60 بالمائة مروية
قال الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني، في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، إن عمليات الجني لم تتجاوز الـ15 بالمائة.
وشدد على أن الجني شمل الزيتون “النشيرة” أي الذي سقط على الأرض في أغلب المناطق، مبينا أن عمليات الجني حقيقة لم تنطلق بعد في عدة مناطق انتاج.
وأفاد بأن السعار المتداولة الآن لا تغطي كلفة الإنتاج خاصة أن 60 بالمائة، وفق احصائيات وزارة الفلاحة، مروية.
وأضاف ان كلغ الزيتون المروي كلفته 2000 مليم على الأقل، دون احتساب كلفة الجني والنقل، مشيرا إلى أن الأسعار الآن تتراوح بين دينار و1200 مليم في أقصى الحالات.
وبين أن الزيتون المروي يحتاج الى كميات هامة من المياه، مما يعني استعمال الطاقة والاسمدة والمداواة، مشددا على أن الزيتون المروي يتطلب كل هذه التدخلات والتكاليف.
وأكد الزياني انه حتى بالنسبة للزيتون البعلي، الذي تراجعت مساحاته بشكل لافت، وتضرر من الجفاف خلال السنوات الفارطة، هذه الأسعار لا تغطي خسائر السنوات الماضية، وفق تعبيره.
مؤامرة خارجية لضرب المنظومة
أفاد محدثنا بأن الأسعار تخضع لمبدأ العرض والطلب، ولكن في وضعية الحال، تدني الأسعار لا علاقة له بهذا المبدأ المعتمد في كل دول العالم، ولكن هي مؤامرة داخلية وخارجية لضرب منظومة الزياتين، وفق تعبيره.
وقال إن هذا نتيجة مؤامرة محبوكة خاصة أن تونس أصبحت تحتل المرتبة الثانية عالميا، بعد اسبانيا، في انتاج وتصدير زيت الزيتون.
وتابع “هذه ليست صدفة أو عرض وطلب والدليل على ذلك أن أسعار زيت الزيتون في العالم تتجاوز ما هو موجود حاليا في تونس بفارق يتراوح بين 3 و4 دنانير للكلغ الواحد”.
واكد انه هناك أبواق مأجورة في تونس تعمل لصالح أطراف خارجية تروج لتراجع أسعار الزيت والزيتون وتعمل على تبخيس المنتوج الوطني، حسب تعبيره.
وشدد على ان أصابع الاتهام موجهة للمصدرين لكن هذا الأمر لا يستقيم، والمستفيد الأول من هذه الازمة هي اسبانيا وإيطاليا.
وأفاد بان المصدرين يخسرون بين 5 و6 الاف دينار في الطن من الزيت، مؤكدا ان هناك اطراف تعمل لصالح هذه الدول في تونس.
ضرب الأمن الغذائي والقومي
شدد الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني، في تصريح لموقع “تونبيزنيس”، على أن هناك أطراف في تونس تعمل على ضرب الأمن القومي والغذائي.
ولفت إلى أن هذه الأبواق تعمل على ضرب سمعة زيت الزيتون التونسي في الخارج، خاصة أن بلادنا أصبحت خلال السنتين الماضيتين، معروفة دوليا على مستوى جودة زيت الزيتون.
وقال إن زيت الزيتون التونسي يتحصل على 200 ميدالية عالمية سنويا، مبينا أن تطور الجودة والإنتاج يجلب بعض الإشكاليات اذا لم تتدخل الدولة لحماية هذا المنتوج الوطني بامتياز، وفق تعبيره.
وأفاد بان عدم حماية الثروة الوطنية يؤدي الى تبخيس المنتوج الوطني وتشويهه في الخارج، وتونس وصلت الى هذه المرحلة، على حد قوله.
وأضاف المتحدث أن هذه الأسعار المتدنية لم تشهدها تونس منذ سنوات، مشيرا على أن المقارنة مع 6 سنوات ماضية لا تستقيم لأنه قبل 5 او 6 سنوات كانت تونس تنتج المطري البعلي اكثر بكثير من المروي.
وأكد أن ضرب المنظومة يعني خسارة للجميع، من الفلاح والمصدرين والدولة التونسية.
قرارات وزارة الفلاحة مضحكة مبكية
اعتبر الزياني أن قرارات وزارة الفلاحة المتعلقة بشراء كميات من زيت الزيتون من الفلاحين من قبل ديوان الزيت، مضحكة مبكية.
وبين أن المسؤولين في الدولة لم يفهموا توجيهات رئيس الجمهورية حول حماية الفلاحين، مبينا أن القرار المتعلق بمنح الفلاحين 110 دنانير للفلاحين شهريا في حال خزن طن من الزيت، مضحك لأن تكلفة التخزين والنقل لهذه الكميات أكبر بكثير من ذلك.
وأفاد بأن الفلاح يخسر الكثير اذا قام بتخزين هذه الكميات لأن تخزين ونقل زيت الزيتون يكون في أوعية مخصصة للغرض وتحترم المواصفات حتى يحافظ على جودته، وفق تعبيره.
وأضاف الخبير أن هذه العملية خسارة للفلاح، مشيرا إلى أنه للحصول على طن من الزيت يجب أن يوفر الفلاح على الأقل 4 الاف دينار، إضافة إلى الإجراءات الأخرى المتعلقة بتقليم الأشجار وحراثة الأرض والاستعداد للموسم القادم.
اجتماع مع البنوك لتمويل الفلاحين
عقدت كل من وزارتي الفلاحة والتجارة، امس الإثنين 2 ديسمبر 2024، بإشراف الوزيرين عز الدين بن الشيخ وسمير عبيد، جلستي عمل لإنجاح موسم جني الزّيتون، بحضور كاتب الدولة للمياه حمادي الحبيب وممثلين عن الإتحاد التونسي للصّناعة والتّجارة والصّناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وممثلي كل من البنك الوطني الفلاحي والشّركة التّونسية للبنك والبنك التونسي للتّضامن ومصرف الزيتونة إلى جانب ممثلين عن الإدارات العامة للوزارة والديوان الوطني للزيت، وفق بلاغ لوزارة الفلاحة.
وخصّصت هاتين الجلستين للنّظر في الصّعوبات التّي يعيشها كل الأطراف المتدخلة في القطاع من فلاحين وأصحاب معاصر ومصدّرين مع إيلاء عنصر التمويل الأهمية اللازمة لضمان جني الصابة وتقدم الموسم في ظروف طيبة في ظلّ موسم واعد من حيث الإنتاج.
وقد تمّ الاتّفاق على تكوين خلية متابعة تتكون من ممثلين عن كل من المصدرين وأصحاب المعاصر والفلاحين والبنوك والإدارة والدّيوان الوطني للزّيت تعنى بالمتابعة اللّصيقة والتّنسيق لمجابهة التطورات والتدخل الحيني لإنجاح الموسم.
وأعرب ممثّلو البنوك عن استعدادهم التّام وحرصهم على تمويل موسم التصدير وتأمين تقدم موسم جني الزيتون بما يحفظ الصابة ويضمن حقوق الفلاحين.
تصدير الزيت السائب
اعلنت وزارات التجارة وتنمية الصادرات الصناعة والمناجم والطاقة والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، أمس الاثنين 02 ديسمبر 2024، في بلاغ مشترك، أنه تقرر فتح المجال للمصدرين الخواص لتصدير زيت الزيتون التونسي السائب ابتداء من 01 جانفي 2025 .
وأشار البلاغ إلى أن ذلك يأتي طبقا للشروط والصيغ المنصوص عليها بالأمر الرئاسي عدد 448 لسنة 2022 مؤرخ في 04 ماي 2022 المتعلق بضبط صيغ وشروط منح وسحب تراخيص تصدير زيت الزيتون التونسي للمصدرين الخواص وفي إطار الحصة السنوية الممنوحة للبلاد التونسية من قبل الاتحاد الأوروبي، وحرصا على استغلال كامل الكمية المسموح بها خلال سنة 2025 .
ويتعين على المصدرين الخواص المقيمين والمرسمين بقائمة المصدرين لزيت الزيتون والراغبين في تصدير زيت الزيتون السائب داخل الحصة بعنوان سنة 2025 الحصول خلال الفترة الممتدة من 01 جانفي 2025 إلى غاية 31 ديسمبر 2025، على ترخيص في الغرض يسلم من قبل وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
كما يتعين عليهم إيداع مطالب في الغرض لدى الإدارة العامة للدراسات والتنمية الفلاحية التابعة لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
الحلول العاجلة لإنقاذ الصابة
دعا محدثنا إلى ضرورة حماية الصابة من خلال توفير التمويلات اللازمة للفلاحين كي يتمكن من تخزين الزيت في ظروف تحفظ جودته ويتمكن من نقله وتحضير الأرض للموسم القادم.
وأفاد بان الفلاح هو المتضرر الأول، مطالبا بمنح الفلاحين قروض ميسرة لجني الزيتون والحفاظ على الصابة.
وشدد على انه اذا لم يتم توفير الأموال للفلاحين ستضرر كل المنظومة، مطالبا بتدخل الدولة بصفة عاجلة لشراء كميات هامة من الزيت بأسعار توفر هامش ربح محترم للفلاحين.
كما دعا الى توفير السيولة للفلاحين في اقرب وقت، مشددا على أن تأخير جني الصابة سيؤثر سلبا على جودة الزيت التونسي.
وقال إن الزيتون عندم يسقط على الأرض جودة زيته تكون متدنية، مفيدا بان الدول الأخرى على غرار إيطاليا وغيرها تشتري هذا الزيت بأسعار متدنية وتعالجه بتقنيات تكرير متطورة وتضيف له زيوت أخرى وتبيعه بأسعار مرتفعة جدا، وفق تعبيره.
وبين ان تدني الجودة يعني خسارة تونس لسمعتها في العالم في علاقة بتصدير زيت البكر الممتاز.