في لحظة من التقاء الثقافات، اجتمعت تونس وبكين في حدث فني يعكس شغفهما الثقافي المشترك، حيث توافدت الأنغام والصور لتشكل تجربة مميزة تحت عنوان “موسم بث المسلسلات التلفزيونية والأفلام في بكين والشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
في التاسع من ديسمبر 2024، كانت العاصمة التونسية على موعد مع النسخة العاشرة من هذا الحدث الذي نظمته مكتب الإذاعة والتلفزيون ببلدية بكين بالتعاون مع مؤسسة التلفزة التونسية، بحضور نخبة من الشخصيات البارزة، من بينهم نائب المدير العام لمكتب الإذاعة والتلفزيون ببلدية بكين، ورئيس المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية، ومديرة إدارة التلفزيون في اتحاد إذاعات الدول العربية.
رحلة بصرية تعزز التقارب الثقافي
شهدت الفعالية حضورًا لافتًا من شخصيات إعلامية وثقافية تونسية ودبلوماسيين صينيين، اجتمعوا لمتابعة عروض فنية تمثل إنتاجات متميزة من المسلسلات والأفلام الصينية. قاعة “Olaya 3” تحولت إلى منصة عرض تعكس التنوع الثقافي في بكين، حيث قدمت مختارات تعبر عن قيم المجتمع الصيني وإبداعاته الفنية.
لم يكن الحدث فرصة للاطلاع على الإنتاج الصيني فحسب، بل مثل منصة لتونس للتعريف بإمكاناتها السينمائية، من خلال مشاركة مبدعين تونسيين مثل الممثل أحمد الأندلسي، والمخرج هيفل بن يوسف صاحب مسلسل باب الرزق، والفنان حسين العفريت. أشادت المديرة الفنية ريهام ين علية بالآفاق الواعدة للشراكات الثقافية بين البلدين، مؤكدة أن التعاون بين الصين وتونس يمتد إلى أبعاد استراتيجية طويلة الأمد.
علاقات دبلوماسية وثقافية راسخة
يأتي هذا الموسم في إطار الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تونس والصين، التي تأسست على روابط متينة أساسها التعاون الثقافي والإعلامي. على مدار هذه السنوات، تم تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية، مثل أيام السينما الصينية في تونس، والتي كان لها دور كبير في تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين. كما شهدت العلاقات بين تونس والصين تبادلًا مستمرًا للخبرات الإعلامية، ما أسهم في تطوير الأداء الإعلامي في كلا البلدين.
وقد أكد منظمو الحدث أن هذه الفعالية ليست مجرد احتفاء بالفن، بل هي خطوة نحو فتح آفاق جديدة للتعاون الثقافي والإبداعي. كما أشاروا إلى أن تقديم الأعمال الصينية في تونس يعزز من فهم أعمق لثقافة الصين، ويدعم التعاون بين العاملين في المجالين الفني والإعلامي. فلم يقتصر الحدث على تسليط الضوء على الموروث الفني، بل سلط الضوء على التعاون بين مؤسسة التلفزة التونسية والهيئات الإعلامية الصينية. وقد تجسد هذا التعاون من خلال تبادل البرامج الوثائقية، وتنظيم دورات تدريبية بجودة عالية، وتبادل الخبرات.
كما أشار المنظمون أن هذا الموسم السنوي، الذي ينظمه مكتب الإذاعة والتلفزيون ببلدية بكين، يهدف إلى الترويج للمسلسلات والأفلام المتميزة المنتجة في بكين على الساحة العالمية، وتعزيز التعاون بين الصناعات السمعية والبصرية الدولية.
ختام يليق بمستوى الحدث
في ختام الحفل، أجمعت الآراء على أن هذا الحدث ليس مجرد احتفال فني، بل بداية جديدة في مسار التبادل الثقافي بين تونس والصين. شكل هذا اللقاء خطوة إضافية في تعزيز الروابط بين البلدين، حيث يُعتبر الفن والإعلام من أقوى الأدوات لتقوية أواصر الصداقة والتفاهم بين الشعوب.
ومن اللحظات الأكثر تميزًا، كانت تلك التي دمجت الأنغام الصينية مع الآلات التونسية التقليدية، في مزيج موسيقي فريد. تم عزف جينيريك مسلسل صيني مع إيقاع البات التونسية، بالتوازي مع عزف جينيريك مسلسل “ناعورة الهواء” التونسي. ليكون هذا التناغم بمثابة جسر موسيقي يعبر بين الثقافتين، ويؤكد عمق التعاون الثقافي بين تونس والصين، ويعكس الأفق الواسع للتبادل الفني بين البلدين.