اختتمت فعاليات الدورة الخامسة والثلاثين من أيام قرطاج السينمائية في 23 ديسمبر 2024، محققة نجاحًا كبيرًا شهدته العاصمة تونس، حيث تألقت في سماء الثقافة العربية، وأصبحت واحدة من أبرز المحطات السينمائية في العالم العربي. وقد امتازت هذه الدورة عن سابقتها بمزيج فريد من العروض المتنوعة والتكريمات المرموقة التي ألقت الضوء على أبرز الأسماء السينمائية التونسية والعربية، وجعلت منها دورة الوفاء والإشادة بالأصوات الفنية التي شكلت جزءًا مهمًا من تاريخ السينما التونسية والعربية.
في مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، أُقيم الحفل الختامي وسط حضور سينمائي لافت، حيث تم الإعلان عن الفائزين بجوائز المهرجان التي شهدت تنافسًا حادًا بين 216 فيلمًا من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والأفلام الوثائقية. حملت هذه الدورة رسائل ثقافية وإنسانية تعكس مكانة أيام قرطاج السينمائية كمنصة للاحتفاء بالإبداع السينمائي، وفي الوقت نفسه التأكيد على الدور السياسي والثقافي للفن السابع في المنطقة العربية، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.
الجوائز الكبرى والتكريمات المرموقة
في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، حقق فيلم “الذراري الحمر” للمخرج التونسي لطفي عاشور جائزة التانيت الذهبي، بينما فاز الفيلم الفلسطيني “إلى عالم مجهول” للمخرج مهدي فليفل بجائزة التانيت الفضي، ليؤكد الحضور الفلسطيني القوي في المهرجان. كما حصل الفيلم السينغالي “Demba” على التانيت البرونزي، مما يبرز التنوع الثقافي الحاضر في المهرجان.
أما في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فقد فاز فيلم “عمل فدائي” للمخرج الفلسطيني كمال جعفري بجائزة التانيت الذهبي، كما نال فيلم “تانغو س س” من الكونغو الديمقراطية جائزة التانيت الفضي. وتوج الفيلم التونسي “ماتيلا” للمخرج عبد الله يحيى بالتانيت البرونزي.
وفي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، حصل فيلم “بعد ذلك لن يحدث شيء” للمخرج السوداني إبراهيم عمر على التانيت الذهبي، بينما حصل فيلم “أحلى من الأرض” للمخرج المصري شريف البنداري على التانيت الفضي. أما فيلم “على الحافة” للمخرجة التونسية سحر العشي ففاز بجائزة التانيت البرونزي.
وفيما يتعلق ببقية الجوائز، فقد تم توزيعها على النحو التالي:
- جائزة العمل الأول “الطّاهر شريعة” فازت بها فيلم “هانامي” للمخرج دينيس فرنانديز من الرأس الأخضر.
- جائزة أفضل تركيب كانت من نصيب كاميل توبكيس عن فيلم “عايشة” من تونس.
- جائزة أفضل صورة فاز بها مصطفى الكاشف عن فيلم “القرية المجاورة للجنة” من الصومال.
- جائزة أفضل موسيقى ذهبت إلى هاني عادل عن فيلم “أرزة” من لبنان.
- جائزة أفضل ممثل فاز بها سامي لشعة عن فيلم “الاختفاء” من الجزائر.
- جائزة أفضل ممثلة حصلت عليها سولاف فواخرجي عن فيلم “سلمى”.
- جائزة أفضل سيناريو ذهبت إلى بودي أسيانبي عن فيلم “الرجل مات” من نيجيريا.
أما في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، فقد فاز فيلم “عالحافة” للمخرجة سحر العشي من تونس بجائزة التانيت البرونزي، في حين حصل فيلم “أحلى من الأرض” للمخرج شريف البنداري من مصر على جائزة التانيت الفضّي، وفاز فيلم “بعد ذلك لن يحدث شيء” للمخرج السوداني إبراهيم عمر بجائزة التانيت الذهبي.
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة، حصل فيلم “رحلة باهاتي في التربية الجنسية” من إخراج سايتاباوو كاياراي من كينيا على التانيت البرونزي، فيما فاز فيلم “فريحة” من إخراج بدر يوسف من اليمن بالتانيت الفضّي، وحصل فيلم “الأيام الأخيرة مع اليان” للمخرج التونسي مهدي الحجري على التانيت الذهبي.
أما في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فقد فاز فيلم “الفيلم عمل فدائي” للمخرج الفلسطيني كمال جعفري بجائزة التانيت الذهبي، بينما فاز فيلم “Tongo SAA, rising up at night” للمخرج نيلسون ماكينغو من جمهورية الكونغو الديمقراطية بجائزة التانيت الفضّي. حصل فيلم “ماتيلا” للمخرج عبد الله يحي من السنغال على التانيت البرونزي.
وفي المسابقة الوطنية، فاز فيلم “ثنية عيشة” من إخراج سالمة الهبي بجائزة أفضل فيلم قصير، بينما فاز فيلم “لون الفسفاط” للمخرج رضا التليلي بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وحصل فيلم “قنطرة” من إخراج وليد مطار على جائزة أفضل فيلم روائي طويل.
وقد أسندت أيام قرطاج السينمائية جائزة الجمهور للفيلم الروائي القصير إلى فيلم “في قاعة الانتظار” للمخرج معتصم طه من فلسطين، بينما فاز بالتساوي كل من “الذراري الحمر” للمخرج لطفي عاشور و”سلمى” للمخرج جود سعيد بجائزة الجمهور للفيلم الروائي الطويل. وأخيراً، فاز فيلم “اللعنة” من إخراج بثينة علولو من تونس بجائزة أفضل فيلم للسينما الواعدة.
تكريمات لأسماء خالدة
كان التكريم الأبرز في هذه الدورة هو تكريم الفنان التونسي الراحل فتحي الهداوي، الذي وافته المنية في 12 ديسمبر 2024. وقد تم عرض مشاهد من أبرز أفلامه تكريماً لجهوده الكبيرة في السينما التونسية، كما تم إهداء الدورة الخامسة والثلاثين إلى روحه، تأكيدًا على أن أعماله ستظل خالدة في الذاكرة السينمائية.
وفي الحفل الختامي، تم تكريم الممثل والمخرج التونسي العالمي ظافر العابدين، الذي ترك بصمة واضحة في السينما التونسية والعالمية. وقد قام بتسليم الجائزة له الممثلة فاطمة بن سعيدان في حضور عدد كبير من الفنانين والنقاد الذين أثنوا على مسيرته الفنية.
كما تم تكريم الناقد السينمائي الراحل خميس خياطي، الذي أسهم في نشر الثقافة السينمائية في العالم العربي وتوثيق تاريخ السينما في تونس.
فلسطين في قلب الأيام السينمائية
في إطار التزامها بالقضايا الإنسانية، نظمت أيام قرطاج السينمائية تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية التونسية سلسلة من العروض تحت شعار “فلسطين في قلب أيام قرطاج السينمائية”. تم عرض 19 فيلمًا فلسطينيًا في مختلف أنحاء العاصمة تونس، شملت فعاليات في الشوارع والسينمات، بمشاركة مخرجين وفنانين بارزين مثل محمد بكري، رشيد مشهراوي، مها الحاج، هاني أبو أسعد، مهدي فليفل، ولؤي عواد، إضافة إلى الشباب المبدعين في المجال. كما خصص المهرجان تكريمًا للمخرج هاني أبو أسعد، حيث تم عرض خمسة من أفلامه، مما أتاح للجمهور التفاعل مع القضايا الفلسطينية من خلال الفن السينمائي.