كشفت أحدث البيانات في التقرير الشهري للوضع الطاقي لشهر ديسمبر 2023، الصادر عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم، عن توجُّه متباين في قطاع الطاقة بتونس، حيث شهدت الصادرات من المنتجات الطاقوية زيادة ملحوظة بينما شهدت الواردات زيادة ملحوظة أيضًا. وقد أدّى هذا التطور إلى ارتفاع في العجز في الميزان التجاري الطاقوي للبلاد.
ووفقًا للأرقام الأخيرة، سجلت الصادرات من المنتجات الطاقية زيادة ملحوظة بنسبة 44% من حيث القيمة، بينما سجلت الواردات زيادة أيضًا بنسبة 30%. وقد أدّى هذا الواقع إلى زيادة في العجز في الميزان التجاري الطاقوي، حيث ارتفع من 802 مليون دينار تونسي (MDT) في جانفي 2023 إلى 1 011 MDT في جانفي 2024، بنسبة ارتفاع قدرها 26%.
من المهم فهم العوامل التي تؤثر على هذه التبادلات التجارية في قطاع الطاقة. ثلاثة عناصر رئيسية تكون حساسة بشكل خاص: الكميات المتبادلة، سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار التونسي ($/DT)، وأسعار البرنت. ويُعد البرنت مرجعًا لجودة أسعار النفط المستورد والمصدر، وكذلك للمنتجات البترولية.
فيما يتعلق بالكميات المتبادلة، لوحظ انخفاض، مما ساهم في الضغط على الميزان التجاري. ويمكن أن يكون هذا الانخفاض ناجمًا عن عوامل متعددة، مثل التغيرات في الطلب العالمي على المنتجات الطاقوية أو التعديلات في سياسات التوريد والتوزيع.
أما عن سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار التونسي، فظل ثابتًا نسبيًا خلال الفترة المدروسة. ومع ذلك، حتى مع استقرار سعر الصرف، يمكن أن تؤثر عوامل أخرى على تكاليف الاستيراد والتصدير، بما في ذلك تقلبات أسعار النفط.
شهدت أسعار البرنت تحسنًا في يناير 2024 مقارنة جانفي 2023. ويمكن أن يكون هذا الارتفاع في أسعار النفط قد ساهم في زيادة قيمة الصادرات من المنتجات الطاقوية، ولكنه أدى أيضًا إلى زيادة التكاليف الناجمة عن الاستيراد للبلاد.
تعكس التطورات الأخيرة في الميزان التجاري الطاقي في تونس ديناميكية معقدة تتأثر بعوامل اقتصادية متعددة. وفي حين أن الصادرات من المنتجات الطاقوية قد ارتفعت، إلا أن هذا النمو كان متوازنًا بزيادة أكبر في الواردات، مما أدى إلى زيادة العجز. يُعد من الأساسي لصانعي القرار مراقبة هذه الاتجاهات عن كثب وتنفيذ سياسات مناسبة لتخفيف الضغوط على الميزان التجاري وتعزيز الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل.