خلال جلسة لجنة المالية والميزانية التي عقدتها وزارة تكنولوجيات الاتصال، أمس الأربعاء، حول قانون مكافحة الاقصاء المالي، أفاد ممثل الوزارة أن هذا القانون يدعم الإدماج الرقمي للفئات غير المشمولة بالمعاملات البنكية والتي تقدر بحوالي 60 بالمائة من المجتمع التونسي.
وأضاف المتحدث أن مشروع القانون يعمل أيضا على التقليص من استعمال النقد في المعاملات المالية مبينا أنه يُعّد إحدى مخرجات الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي وهو نتاج عمل تشاركي بين كل الأطراف المعنية، مستعرضا في الآن ذاته برنامج الوزارة لتطوير آليات الدفع عن طريق الهاتف.
وبيّن أن مشروع القانون يتعرّض إلى تطوير الإمكانيات التكنولوجية لرقمنة الخدمات الإدارية والمالية وإرساء الاقتصاد الرقمي من خلال الفصول المتعلقة بتوسيع مسالك الوساطة في التأمين وترشيد التداول نقدا ودعم النفاذ إلى خدمات الدفع الرقمي.
وأكّد أن الإدماج الرقمي يعتبر الدعامة الأساسية لنجاح الإدماج المالي من خلال تسهيل النفاذ للخدمات الإدارية وتكثيف وتنويع الاستعمالات ودعم الهوية الرقمية
وكان مجلس الوزراء وافق يوم 2 فيفري 2024 على مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي بعد أن كانت جلسة وزارية بإشراف رئيس الحكومة، أحمد الحشاني، وافقت يوم 9 جانفي 2024، على النسخة النهائية لمشروع القانون وعلى تغيير اسمه ليصبح “مكافحة الإقصاء المالي” بهدف التعميم الفعلي للإدماج الاجتماعي والمالي، وفق بلاغ لرئاسة الحكومة.
من جهته، بيّن الرئيس المدير العام للبريد التونسي، أن إحداث بنك بريدي يعتبر عنصرا أساسيا لتعزيز الإدماج المالي بحكم أنه يستقطب عديد الفئات خاصة في المناطق غير المشمولة بالخدمات البنكية.
وأكّد أنه تم اقتراح مشروع إحداث بنك بريدي منذ عدة سنوات معتبرا أن تواجد البريد في جل المناطق وتقديمه لخدمات بتكلفة أقل من الخدمات المقدّمة من طرف البنوك وبفضل مواكبته للتطورات التكنولوجية تجعله قادرا على التحول إلى بنك في وقت وجيز.
وشدد أعضاء اللجنة خلال النقاش على أهمية إحداث بنك بريدي في دعم الإدماج المالي وتنشيط الاقتصاد عبر استيعاب الشرائح الاجتماعية المهمشة، واعتبروه مكوّنا رافعا للتنمية المحلية ومكافحا للإقصاء البنكي، مستفسرين عن العراقيل التي تحول دون إحداثه والجهات التي تقف وراء ذلك.
وأبرزوا ضرورة عدم تقديم البنك البريدي لخدمات مالية مشابهة للخدمات المقدمة من طرف البنوك خاصة على مستوى نسب الفائدة والعمولات.
وتعرّض بعض النواب إلى ضعف الخدمات المقدّمة من طرف البريد في بعض المناطق بما يتطلب تهيئة مراكز وإحداث مراكز أخرى في وقت أوصى عديد النواب بالإسراع في تكوين الفئات الهشة وخاصة منها الأميين في كيفية التعامل مع وسائل الاتصال والدفع الإلكتروني.
وفي ردوده، أفاد الرئيس المدير العام للبريد أنه تمّ تقديم مطلب رخصة للبنك المركزي حول مشروع إحداث بنك بريدي منذ أواخر سنة 2019 ، وقع إعداده بالاستعانة بمكاتب خبرة ليكون الملف مستوفيا للشروط المطلوبة.
وأضاف أن البنك المركزي طلب في ردّه مراجعة المنوال الاقتصادي لكي يتماشى مع توجهات البنك وقد تم تكوين لجنة في الغرض من أجل تجاوز العراقيل التي تمثلت أساسا في الشكل القانوني الذي يتطلّب إحداث البنك في شكل شركة خفية الاسم وكذلك في طلب إحالة كل خدماته المالية إلى البنك المركزي. وأفاد أنه تمّ تقديم ملف ثان للسلط المعنية ولم يتلق الرد إلى حد الآن.
وجدّد التأكيد على أن الدراسات والتجارب تبيّن أن إحداث بنك بريدي يعتبر دافعا أساسيا للإدماج المالي، واعتبره عاملا ملحا للحفاظ على ديمومة المؤسسة الاقتصادية الصغرى.
وتطرق إلى بعض التجارب المقارنة في المجال وخاصة منها التجربة المغربية لافتا إلى أن المشروع المقترح سيعمل بتكامل مع النظام البنكي. وتابع موضحا أنه تم ضبط الفئات المستهدفة والمناطق التي تغيب أو تضعف فيها التغطية البنكية والآجال الزمنية إلخ.
وتفاعل مع استفسارات النواب عبر استعراض عدد من المعطيات التي تحفز المشروع على غرار دوره المجتمعي بأن يكون رافعا للتنمية المحلية ومكافحا للإقصاء البنكي، وهو ما يحتّم عليه اعتماد تسعيرات أقل من البنوك.
كما تعرض إلى تطوير البنية التحتية بوجود مكاتب بريد موزعة على كامل البلاد مُجهزة بالأنترنت وأغلبها متشابكة بمنظومة معلوماتية موحّدة وهي تستقطب آلاف الحرفاء يوميا من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية من أجل معاملات مالية بالأساس.
وأفاد أن البريد تمكّن من تكوين شبكة حرفاء واسعة ومتنوعة سمحت له بتسجيل ما يزيد عن 2 مليون حساب بريد جاري و4 مليون حساب ادّخار بريدي، مشيرا إلى أن العمل متواصل لمزيد رقمنة الخدمات وتوسيع الشبكة وتنويع الخدمات.
من جهته، أوضح ممثّل وزارة تكنولوجيات الاتصال، أن البريد جاهز لتجسيم مشروعه بفضل ما يتوفر لديه من شبكة وتجربة وتطور لمنظومته الرقمية وقاعدة الحرفاء، مساندا توجّه اللجنة في دعم فكرة إحداث بنك بريدي أو شباك بنكي صلب مكاتب البريد.
وفي ختام أشغالها، ارتأت اللجنة طلب الاستماع إلى رئاسة الحكومة بخصوص مشروع القانون المعروض.